نقد المنهج التاريخي المزوّر: ضرورة تطهير الوعي السنّي من الرواية الشيعية
نقد المنهج التاريخي المزوّر: ضرورة تطهير الوعي السنّي من الرواية الشيعية
مقدمة منهجية:
إن التغلغل المنهجي للروايات الشاذة والمغرضة في صلب الوعي السنّي المعاصر قد أنتج، كما هو واضح، جيلاً سنّياً مُتشيّعاً في الرؤى التاريخية والسياسية. لقد حان الوقت لتبنّي نقد علمي حاد وبيدغوجي لتطهير المدونة التاريخية من الشوائب التي دسّها المضللون والمتعالمون. إن منهجنا النقدي يقوم على وجوب تقديم السند والمتن معاً على كل رواية، ورفض كل ما لا يتفق مع الحقائق العقلية والشرعية، حتى لو زعم مصدره الانتماء إلى كتب الصحاح.
أولاً: أزمة البيعة ومشروعية الحكم
تتبلور الأزمة التاريخية في الانحراف عن أصل الشورى والعدل في خلافة عثمان وما تبعها. لا يمكن لعقل ناقد أن يقبل الرواية التي تشرعن الفتنة، بالاستناد إلى الأدلة التالية:
ثانيا : جريمة مقتل عثمان (نقد المتن):
لا خلاف على أن الخليفة عثمان بن عفان قُتِلَ ظلماً بعد حصار دام سبعين يوماً على يد "خوارج منافقين". إن هذا الفعل كان عاراً لم يرتكبه حتى كفار قريش. والأسوأ هو ما تلا ذلك من ترك جثمانه ثلاثة أيام دون دفن ودفنه في مقابر اليهود. إن قبول بيعة من ارتكب هذه الجريمة أو من ضمهم إلى صفوفه يمثل طعناً في أساس الشريعة التي توجب القصاص.
ثالثا : شرعية بيعة علي (طعن في الإجراء):
يقتضي التحقيق العلمي الطعن في بيعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه على ضوء ما يلي:
أخذ البيعة من القتلة:
علي أخذ البيعة من "جماعة قتلة عثمان"، والذين أصبحوا قادة في جيشه، مثل مالك الأشتر، وهو ما يفسر رفضه لإخراجهم والقصاص منهم.
معارضة كبار الصحابة:
البيعة لم تعقد بمجلس شورى كامل. لقد رفض طلحة والزبير بيعة علي، وكذلك امتنع عبد الله بن عمر عن مبايعته. إن حكم علي الذي دام خمس سنوات لم يكن فتحاً للمسلمين، بل كان حرباً بينهم، بل وصل الأمر إلى محاربة أم المؤمنين عائشة في الجمل.
ثانياً: التلاعب بالمصادر وتبييض الروافض
إن المنهج المتبع في الفيديو يؤكد على أن التشويه التاريخي لم يأتِ من كتب الرافضة فحسب، بل من تقصير وإدماج متعمد من بعض الأئمة المتأخرين.
القاعدة المنهجية في النقد:
لا يقبل النقد المنهجي أي حديث أو رواية إلا بتوافق تام بين المتن (المحتوى) والسند (الرواة)، مع إعطاء أولوية للمتن الذي يجب أن يتفق مع المنطق والتسلسل الزمني، لأن أهل الكوفة وحدهم وضعوا 300 ألف حديث بسند صحيح.
مصدر أحاديث الفضائل:
يجب الحذر الشديد من أحاديث فضائل علي والحسن والحسين، حيث يرى المتحاورون أنها في أغلبها مدسوسة من الشيعة، وأن كتب أئمة المدينة كـ "موطأ الإمام مالك" تخلو تماماً من هذه الفضائل؛ لرفض مالك الأخذ عن رواة الكوفة المدلّسين.
- مغالطة "سيد شباب أهل الجنة": يُعد هذا الحديث مثالاً صارخاً على نقد المتن، حيث يصفه المتحدث بأنه باطل؛ لعدم وجود "سيد ومسود" في دار كرامة كـ الجنة، بالإضافة إلى ضعف سنده الكوفي.
- فضيحة نقد يزيد والروايات الباطنية:
إن حملة تشويه يزيد بن معاوية اعتمدت كلياً على روايات كاذبة، يجب حذفها من المدونة السنية فوراً:
- تكذيب قصف الكعبة: الرواية القائلة بأن يزيد قصف الكعبة بالمنجنيق كذبة روجها "أبو مخنف الرافضي"، مشيراً إلى أن مكة والمدينة لم يكن لهما أسوار تُضرب، وأن المنجنيق لم يكن موجوداً في شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت.
- الدليل المضاد من البخاري: إن شرعية يزيد مُثبتة بحديث صحيح، حيث نجد عبد الله بن عمر يحذر من الخروج على يزيد بعد أن بايعه، مستدلاً بحديث النبي: "يُنصَب لكل غادر لواء يوم القيامة".
- المصدر المذكور في الفيديو: صحيح البخاري (مُشار إليه بالرقم 7111).
إدانة المؤرخين المُلوَّثين:
يمتد النقد إلى المؤرخين الذين ساهموا في تداول هذه الروايات:
- نقد الذهبي: يُوصف الذهبي بأنه "أخبث واحد فيهم" لأنه يدعو بالمغفرة لقتلة عثمان بينما يصف يزيد بـ "السكير" و"شارب الخمر".
- نقد الألباني: يوصم بالجهل في علوم الحديث، لتبنيه قاعدة أن الحديث الضعيف يتقوى بكثرة المصادر، وهي قاعدة مرفوضة عند الدكتور عواد.
خاتمة: الدعوة إلى القطيعة التاريخية
لقد أثبت التحليل المنهجي أن الجيل السني قد استوعب تاريخاً كتبه "المنتصر" من بني العباس، وأنه تاريخ مُلوَّث بروايات الباطنية، الهدف منها هو إقامة عليٍّ كقرين للنبي، وإسقاط عدالة الصحابة الآخرين. يجب على أهل السنة اليوم تبنّي القطيعة الحاسمة مع كل رواية لا تتماشى مع أدلة البخاري القاطعة، وأن يدركوا أن "الناصبي والرافضي هو واحد"، فكلاهما يطعن في المنهج السليم.
تساؤل نقدي:
هل يكفي التمسك بنقد السند والمتن لتصحيح التاريخ، أم أن التحدي يكمن في وجود كتبنا على روايات أبي مخنف الطبري بالأساس؟
مصادر المقال وأدلته النقلية والمنهجية
اعتمدت في المقال في بناء الطرح النقدي على الجمع بين الاستدلال بالحديث الصحيح (من البخاري) والطعن في الروايات التاريخية المتداولة بناءً على نقد الرواة (السند) والمحتوى (المتن).
- نقد المتن: رفض الرواية التي تتنافى مع العقل والمنطق أو العقيدة (مثال: نفي حديث "سيدا شباب أهل الجنة" لتناقضه مع طبيعة الجنة).
- نقد السند: رفض الروايات التي يكون رواتها من الكوفة أو متهمين بالرفض أو التدليس.
| نوع المصدر | المصدر/الشخصية المذكورة | موضع الاستدلال في المقال |
|---|---|---|
| حديث نبوي | صحيح الإمام البخاري (مشار إليه برقم 7111) | دليل على شرعية بيعة يزيد بن معاوية، ووجوب الطاعة، وذم الخروج عليه، نقلاً عن موقف عبد الله بن عمر. |
| حديث نبوي | كتاب الموطأ للإمام مالك | دليل على ضعف فضائل علي، حيث لا يحتوي الموطأ على أحاديث لفضائل علي بسبب رفض مالك الأخذ عن رواة الكوفة (المدلسين). |
| شخصيات وأئمة | الحافظ ابن حجر وابن القيم | دليل على كثرة الأحاديث المكذوبة في فضائل علي، حيث نُقل قولهما بأن 300 ألف حديث نُزلت في علي لا يصح منها شيء. |
| نقاد تاريخ | الذهبي | تم نقده بوصفه "أخبث واحد فيهم" لتناقضه في موقفه من يزيد وقتلة عثمان. |
| نقاد معاصرون | الشيخ الألباني | تم نقده ووصفه بأنه "جاهل" في علم العلل والحديث، لتبنيه قاعدة تقوية الحديث الضعيف بكثرة الطرق. |
| رواة تاريخيون | أبو مخنف الرافضي والباطنية | تم الطعن في رواياتهم واعتبارها مصدر الكذب، مثل رواية قصف الكعبة بالمنجنيق في عهد يزيد. |
| شواهد تاريخية | مالك الأشتر وحكيم بن جبلة | دليل على تورط علي في الفتنة وأخذه البيعة من قتلة عثمان، حيث كان مالك الأشتر من قادة جيشه. |