ماذا تقول عني العرب؟

‏‏بين “ماذا تقول عني العرب؟” و”ماذا تقول عني الشيعة؟”: حين يقف القلب على بوابة الحق

‏في لحظة من أشرف لحظات الدعوة، جلس النبي ﷺ أمام عمه أبي طالب، وقد بلغ به المرض مبلغه. قال له النبي ﷺ:

‏“يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله.”

‏فما كان من أبي طالب إلا أن قال:

‏“لولا أن تعيرني قريش ويقولوا: إنما حمله على ذلك الجزع، لأقررت بها عينك.”

‏لقد رأى النور، لكن حجبته نظرة الناس. عرف الحق، لكن كبّله الخوف من كلام القبيلة. هكذا وقف أبو طالب عند حافة الهداية، ثم تراجع، لا لجهله بالحق، ولكن خشية أن يُقال عنه كذا وكذا.

‏واليوم: هل يتكرر المشهد؟

‏في زماننا، كم من رجل أو امرأة نشأ على التشيّع، وقرأ وتعمّق، ثم وقف حائراً؟ رأى الغلوّ في مقامات الأئمة، وتحريف التأريخ، ورفع آل بيت طالب فوق مقام النبوة أحياناً، أو لعن الصحابة الكرام، أو تسييس الدين بما لا يرضاه القلب والعقل.

‏ثم قال في نفسه:

‏“نعم، في هذا المذهب أمور لا أرتضيها، لكنها هويتي… ماذا سيقول عني الشيعة؟ أهلي؟ جيراني؟ مجتمعي؟”

‏التشييع بين القناعة والهوية

‏التشيّع في بعض البيئات ليس مجرد مذهب، بل هوية، انتماء، روابط عائلية، عمق تاريخي. من هنا، يصبح التراجع عنه أو انتقاد بعض أركانه خيانةً وجودية في نظر المجتمع، لا مجرد اختلاف فكري.

‏لكن السؤال الجوهري هو:

‏هل الإيمان طريق شخصي لله، أم صفقة اجتماعية؟

‏هل أنا عبد لله أم عبد لنظرة الناس؟ هل أنتظر أن يرضى عني الناس، أم أني أبحث عما يُرضي الله وحده؟

‏شجاعة عليّ.. أم حيرة عمّ النبي؟

‏حين دعا النبي ﷺ عشيرته لأول مرة، أجاب علي بن أبي طالب رضي الله عليه و، لم يقل:

‏“وماذا سيقول عني أبا لهب أو عمي العباس؟”
‏بل آمن، وثبت، وجهر، وتحمل.

‏فأي مفارقة أن يخاف بعض أتباع علي اليوم من اتخاذ موقف شجاع يشبه موقف علي نفسه؟

‏بين التشيّع والحق

‏لسنا هنا بصدد إنكار الحوادث التاريخية، فالتشيّع في بداياته حركة حب لآل علي، ورفض للظلم الذي مارسه العباسيين عليهم.
‏لكن من يرى أن هذا التشيّع قد انحرف عن مساره، وغرق في طقوس ومقولات لا برهان لها من الوحي، فواجب عليه أن يراجع، ويهتدي، ولو خالف أهله ومجتمعه.

‏“وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم.” [الأحزاب: 36]

‏خاتمة: هل نعيد قصة أبي طالب من جديد؟

‏أبو طالب لم يدخل الإسلام، رغم حبه للنبي، لأنه خاف أن يُقال عنه أنه خضع للضغط، أو ضعف.
‏فلا تكن ممن يقول اليوم:

‏“لا أقدر أن أتخلى عن التشيع، لأن الناس سيقولون عني أني انهزمت، أو تنكرت لأهلي.”

‏بل كن من أهل البصيرة، الذين يعرفون الحق، ويتبعونه، ويجعلون رضا الله فوق رضا الناس.

‏بقلم ✍️رضا شراره

Subscribe to معاوية بن أبي سفيان blog

Don’t miss out on the latest issues. Sign up now to get access to the library of members-only issues.
jamie@example.com
Subscribe