المحكمة الإبتدائية. قضايا جرائم غامضة تحت مجهر الشك
قضايا جرائم غامضة تحت مجهر الشكّ
✍️ شرارة رضا — قاعة افتراضية: القاضي على منصّته، محقق يقلب الملفات الصفراء، دفاع متحفّز، وجمهور يهمس كالموج.
دليل الجلسات
المشهد الافتتاحي ١) وفاة النبي ﷺ ٢) وفاة أبي بكر ٣) وفاة فاطمة ٤) حادثة الإفك ٥) غضب فاطمة ٦) حصار/اللحوم ٧) التمويل ٨) لعنة المدينة ٩) أسئلة ١٠) ختام جدول المصادرالمشهد
قاعة افتراضية ضخمة. القاضي شامخ على منصته؛ محقق إلى جواره يقلب الصفحات؛ الدفاع يترصّد؛ والجمهور يملأ القاعة بالهمس والدهشة.
القاضي (يطرق): «ابدأ أيها المحقق».
الملف الأول: وفاة النبي ﷺ (حادثة اللَّدّ)
القاضي: ما أوّل ما لديك؟
المحقّق: سيدي القاضي، ملف خطير: مرض النبي ﷺ الأخير. قال بوضوح: «لا تُلدّوني» أي لا تُسقوني دواءً قسرًا [البخاري 5712]. لكن لما أُغمي عليه قامت أسماء بنت عميس بلدّه وسقته الدواء. فلما أفاق غضب قائلًا: «هذا من فعل نساء جئن من الحبشة» — إشارةً إلى أسماء [أحمد 24852]. وبعد أيام… مات رسول الله ﷺ.
الجمهور يضج، والقاضي يطرق بالمطرقة.
الملف الثاني: وفاة أبي بكر الصديق
المحقّق: الروايات متناقضة: قيل اغتسل فحمّت عليه فمات [الطبري 3/428]؛ وقيل مات مسمومًا [ابن سعد 3/200]. والأغرب: أوصى أن لا يغسله إلا أسماء بنت عميس [ابن سعد 3/201]—والراوية للوصية هي نفسها! ثم تزوّجها علي بعد أيام.
وهي أم محمد بن أبي بكر (ربيب علي) وأم محمد بن جعفر—وكلاهما حضر مسرح الفتنة.
القاضي: وما الدليل على الريبة؟
المحقّق: في صحيح مسلم [2137]: دخل أبو بكر عليها فوجد رجالًا من بني هاشم عندها، فكره ذلك، فخطب النبي ﷺ: «لا يدخلنّ رجلٌ على مغيبةٍ بعد يومي هذا».
الملف الثالث: وفاة فاطمة رضي الله عنها
القاضي: وماذا عن بنت رسول الله؟
المحقّق: ماتت شابة بعد أبيها بأشهر. دفنها علي ليلًا سرًا بلا صلاة عامة [البخاري 4240]، وقبرها مجهول. وقالت أسماء: «غسّلتها أنا وعلي» [ابن سعد 8/19].
الجمهور: «أسماء… ثانيةً!»
المحقّق: الهجرة ليست حصانة؛ هاجر عبيد الله بن جحش ثم ارتد في الحبشة [ابن سعد 1/260].
القاضي (حازمًا): «إيّاكم والدخول على النساء… الحمو الموت» [البخاري 5232/مسلم 2172]. إن كان دخول القريب «موتًا»، فكيف بخلوة الغسل؟
الملف الرابع: حادثة الإفك — «تعنيف الشاهد»
المحقّق: في الأزمة الأخطر على عِرض بيت النبوّة، استشار النبي ﷺ كلًا من أسامة وعلي. فأسامة أثنى وأحسن، أما علي فقال: «يا رسول الله، النساء سواها كثير، وسَلِ الجارية»—أي بريرة. ثم قام عليها فضربها ضربًا شديدًا لتشهد بما يوافق ظنّه. المصادر: السيرة لابن هشام، وشرح فتح الباري حيث فُصِّلت الروايات وتنوّعت ألفاظها على هذا المعنى.
الدفاع: «كان اجتهادًا في التحقيق، لا تعنيفًا».
المحقق (حادًّا): التحقيق العادل لا يضرب الشهود. هذا تعنيف شاهد. لو خافت بريرة تحت الضغط لتغيّر مسار الشهادة، لكن الله سلّم.
مرفقات مصوّرة
الملف الخامس: غضب فاطمة على عليّ
المحقّق: أراد علي الزواج من بنت أبي جهل؛ فقامت فاطمة للنبي ﷺ غاضبة [البخاري 5230/5231]، فخطب: «فاطمة بضعةٌ مني… لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد»، وعرّض بعلي وأثنى على العاص بن الربيع. وفي رواية: مبيت علي خارج البيت حين غضبت [البخاري 4419]، وطلبت خادمًا فلم يُقض لها [البخاري 3705].
القاضي: إعلان من على المنبر — لا حصانة لأحد أمام «يؤذيني ما آذاها».
الملف السادس: حصار وخطبة علي ثم مقتل عثمان
المحقّق: عثمان محصور، وعلي يخطب عن لحوم الأضاحي [البخاري/الأضاحي]. لم يذكر الحصار.
القاضي: الخطبة شاهد مُشفَّر على جريمة تُحاك.
المحقّق: وفي تاريخ المدينة: «أجرْ لي من في الدار»؛ قال: «إلا عثمان»؛ قالت: «ملكت يا ابن أبي طالب فاسجح». وفي المقدمة المحاصِرة: محمد بن أبي بكر—ربيب علي [الطبري 4/409].
مرفقات مصوّرة: «سنة الرعاف» واستخلاف الزبير
الملف السابع: التمويل والأضاحي
المحقّق: من موّل آلاف المحاصرين؟ جاءوا حُجّاجًا لا جيشًا. لعلي موارد من فَيْء ومزارع. ثم حثّ على عدم ادخار اللحوم. القاضي (مطرقًا): تُسجّل المحكمة أن الخطبة كانت خطة تموين.
الملف الثامن: لعنة المدينة
المحقّق: «من أخاف أهل المدينة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين…» [المصنف لابن أبي شيبة 12/174]. البغاة حاصروا وقتلوا، ثم بايعوا عليًا—فولّاهم.
الجمهور (معًا): إذن… الجيش ملعون!
الملف التاسع: أسئلة بلا أجوبة
(الجمهور يعلو) المحقق: قبل تقديس الأشخاص… واجهوا الأسئلة:
- لماذا لم يُطع النبي ﷺ في صلح الحديبية [البخاري]؟
- لماذا استعجل بأَخذ جارية من السبي قبل قسمتها [أبو داود]؟
- لماذا أراد الزواج من بنت أبي جهل فأغضب النبي ﷺ [البخاري]؟
- لماذا مدح النبي ﷺ العاص بن الربيع وعرّض بعلي [البخاري]؟
- لماذا الإعلان على المنبر لا المناصحة سرًا [البخاري]؟
- لماذا تأخر عن بيعة أبي بكر ستة أشهر [البخاري]؟
- لماذا لم يشارك في حروب الردة؟
- لماذا دُفنت فاطمة سرًا وحُرم الناس الصلاة عليها [البخاري]؟
- لماذا طعن في عثمان وكان وسيطًا للمحاصرين؟
- لماذا لم يقتصّ من قتلة عثمان [الطبري]؟
- لماذا قاتل طلحة والزبير، ثم صفّين؟
- لماذا ضمّ قتلة عثمان إلى جيشه؟
- لماذا ورّث الحكم لابنه [ابن الأثير]؟
الملف العاشر: سؤال المحقق الختامي
المحقق: قبل وفاة النبي ﷺ بثلاثة أيام قال علي: «هو بخير»، بينما قال العباس: «إني لأرى الموت في وجهه، فاطلبوا منه أن يوصي لكم أو بكم» [الطبري 3/428]. رفض علي: «لا، فإن منعنا لم يعطها لنا».
(الجمهور يصيح: «الله أكبر!»)
وهذا يفسّر: تأخر بيعته؛ قوله لأبي بكر «لقد استبددت علينا» [الطبري 3/431]؛ تحذير عمر «لا تذهب لعلي وحدك» [3/433]؛ نصّ الشورى «من رفض يُقتل» [4/227]؛ وتنبيه عبد الرحمن: «لا تجعل لنفسك حقًا عليك» [4/230].
مرفقات مصوّرة: كتاب معاوية إلى علي
الخاتمة
القاضي: أسئلة مفتوحة: الوفيات، الدفن السري, الطموح السياسي, وحصار عثمان—عفوي أم انقلاب؟
الراوي: التاريخ لم يُصدر حكمًا؛ لكنه ترك ألغازًا… فهل هي مصادفات، أم خيطٌ طويل؟
جدول المصادر
| رقم | العنوان / الموضع | رابط |
|---|---|---|
| 1 | فتح الباري لابن حجر — تفصيل حادثة الإفك (رواية ابن أبي عائشة) | الشاملة |
| 2 | السيرة النبوية لابن هشام — سياق الإفك وتعنيف بريرة | الشاملة |
| 3 | صحيح البخاري — مناقب الزبير / «سنة الرعاف» وترجيح الاستخلاف | الشاملة |
| 4 | جمهرة رسائل العرب — كتاب معاوية إلى علي (ص 349) | الشاملة |
| 5 | جمهرة رسائل العرب — صفحة الكتاب الرئيسة | الشاملة |