مجلة معاوية بن أبي سفيان
مجلة معاوية بن أبي سفيان

الإمام البخاري… العدوّ الأول للباطنية والشيعة والجهلة من أهل السنة

الإمام البخاري… العدوّ الأول للباطنية والشيعة والجهلة من أهل السنة
رضا شرارة
✍️ كاتب المقال:
١٧ أكتوبر ٢٠٢٥ · دقيقة واحدة
جميع المقالات ملف الكاتب

مقدمة

منذ قرون، لم يعرف التاريخ الإسلامي عالِمًا حورب كما حورب الإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله.

واليوم، بعد أربعة عشر قرنًا، تتجدد الحرب عليه — حرب فكرية وإعلامية تقودها المدارس الشيعية والباطنية ومن انخدع بهم من المغفلين من المنتسبين إلى السنة، ممن يطعنون في “صحيح البخاري” دون علم ولا ورع.

لكن الحقيقة البسيطة التي يهرب منها أعداؤه هي أن الإمام البخاري لم يكن مجرّد راوٍ للحديث، بل كان قنبلة علمية فجّرت أوهام الطوائف السياسية والدينية، ففضح الأساطير المؤسسة للفكر الشيعي والعباسي معًا، وأثبت أن النبي ﷺ لم يوصِ بخلافة أحد بعينه، وأن عليًّا بشر يخطئ ويصيب، لا صنم يُعبد ولا إله يُقدّس.

أولاً: تزكية العلماء للبخاري — من أئمة الحديث والعقيدة

قال الإمام الشافعي: “ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري”.

وقال الإمام أحمد بن حنبل: “ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل”.

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: “هو الحافظ الكبير، الثبت، العارف، محدث الإسلام بلا مدافع”.

وقال ابن حجر العسقلاني في هدي الساري: “أجمع العلماء على قبوله، وفضله، وتقدمه، وصدق نية البخاري وإخلاصه”.

وقال ابن تيمية: “لم يُصنّف في الإسلام كتاب بعد كتاب الله أصح من صحيح البخاري”.

هذه الشهادات من كبار الأئمة لا تُترك لآراء صغار المتعالمين ولا لجهلة وسائل التواصل الذين يجهلون أبسط قواعد الرواية والجرح والتعديل.

ثانياً: لماذا يكرهون البخاري؟

لأن البخاري هدم ركيزتين مقدستين عند الباطنية والشيعة:

لأنه روى أحاديث تُسقط دعوى الوصية لعليّ رضي الله عنه

الحديث الصحيح الذي رواه عن عائشة رضي الله عنها قالت:

«ذُكر عند عائشة أن عليًا رضي الله عنه كان وصيًا، فقالت: متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري؟!»

[صحيح البخاري، رقم 2741]

هذا الحديث وحده كفيل بهدم نظرية “الوصية الإلهية” التي بُني عليها التشيع السياسي منذ القرن الأول.

فكيف يزعمون أن النبي ﷺ أوصى لعلي بالخلافة سرًّا، وزوجته أم المؤمنين تقول إنها كانت معه حتى لفظ أنفاسه، ولم يسمع أحد تلك الوصية المزعومة؟!

لأنه روى أحاديث تُظهر أن آل البيت بشر، لا آلهة

في الحديث الصحيح عن أم حرام بنت ملحان، أنها رأت رؤيا أن أناسًا من أمّة النبي ﷺ يركبون البحر غزاة في سبيل الله، فدعا لها أن تكون منهم، فكانت مع معاوية بن أبي سفيان، فركبت البحر وماتت شهيدة.

[صحيح البخاري، رقم 7001]

لاحظ هنا أن النبي ﷺ مدح جيش معاوية، ودعا لمن يركب البحر في زمانه، مما ينسف كل دعاوى الشيعة الذين يصفون معاوية وأهل الشام بالكفر والنفاق.

ثالثاً: الأحاديث التي فجّرت كراهية الباطنية للبخاري

الإمام البخاري لم يجامل أحدًا.

فقد روى أحاديث تكشف حقيقة الخلافة بعد عثمان رضي الله عنه، وتُظهر أن الصراع كان سياسيًا لا عقديًا:

  • حديث: «عليٌّ قال: كنا نرى أن لنا في هذا الأمر نصيبًا، فاستبدّ علينا أبو بكر» — [رواه البخاري في كتاب الفتن].➤ هذا نصّ صريح من عليّ أنه لم يكن يرى لنفسه نصًّا إلهيًّا، بل “رأيًا بشريًا”.أي أن خلافه لم يكن على وحيٍ ولا وصية، بل على اجتهادٍ دنيويٍّ مشروع.
  • حديث تحذير عمر لأبي بكر من الذهاب إلى عليٍّ منفردًا، ورفض عليٍّ مبايعة أبي بكر، ثم لما لاحظ عليٌّ استنكار وجوه الناس بعد وفاة فاطمة، طلب أن يأتي الخليفة إليه، بينما كان من التقدير والاحترام أن يذهب هو إلى أبي بكر. ومع ذلك، تواضع أبو بكر وذهب بنفسه إليه، كما ورد في روايات سقيفة بني ساعدة [البخاري، كتاب الأحكام]، مما يُظهر أن الخلافة كانت شورى بين الصحابة لا توريثًا بالقرابة، وأن فراسة عمر نبّهت أبا بكر إلى ضرورة الحذر من الموقف
  • وحديث زواج عليّ من ابنة أبي جهل، وغضب فاطمة رضي الله عنها — [البخاري، كتاب النكاح].➤ يبيّن أن بيت عليّ ليس معصومًا من الخطأ، وأنه بشر كسائر الصحابة، مما يناقض عقيدة العصمة التي ألّهت آل البيت.
  • وحديث نوم عليّ عن صلاة الفجر حين أرسله النبي ﷺ — [البخاري، كتاب مواقيت الصلاة].➤ ردٌّ على من يصوّر عليًّا ككائن فوق الطبيعة لا يغفل ولا يخطئ.
  • وحديث جنازة فاطمة ليلاً دون علم الصحابة — [البخاري، كتاب الجنائز].➤ دليل على توتر سياسي لا على وحي إلهيٍّ، وأن الصحابة تصرفوا كبشر في ظروف تاريخية معقدة.

كل هذه الأحاديث تُحرق قلب كلّ من ألّه عليًّا أو جعله إمامًا معصومًا، ولهذا يصرخون: “البخاري كاذب!”

بل إنهم لو استطاعوا لحرقوا صحيحه، لأنه أثبت بصدق أن عليًّا كان صحابيًا لكنه ليس نبيًا ولا إمامًا معصومًا.

رابعًا: الهجمة الحديثة — تكرار التاريخ بلسان الحداثة

منذ سنوات، بدأت حملات على مواقع التواصل تتهم الإمام البخاري بالتحريف، وتدّعي أن “كتابه كُتب في العصر العباسي لخدمة السلطة”.

وهذه الأكاذيب هي نسخة مكررة من الطعن الشيعي القديم، الذي بدأه ابن سبأ ومن تبعه من القرامطة والباطنية، واستمر مع الصفويين ثم العلمانيين الجدد.

لكنهم يغفلون أن البخاري رفض مناصب الدولة، وطُرد من بخارى لأنه رفض تدريس الحديث لأبناء الأمراء بلا إذنٍ عام، ومات طريدًا لله، لا لطاغية.

خامسًا: البخاري بين علي ومعاوية — ميزان العدل لا العاطفة

لم يكن البخاري ناصبيًّا ولا متحيّزًا.

جمع أحاديث في فضل عليّ رضي الله عنه كما جمع في فضل أبي بكر وعمر ومعاوية، ولم يفرّق بينهم إلا بالحق.

لكن من يعبد الأشخاص لا يرضى بالحقائق، لأنهم يريدون “رجلًا بلا أخطاء”، وذاك لا يكون إلا نبيًا.

سادسًا: من يهاجم البخاري، يهاجم الإسلام كلّه

من يطعن في البخاري، لا يطعن في شخصه فحسب، بل يطعن في منهج الرواية الحديثية كله الذي قامت عليه الشريعة.

ولو أسقطوا البخاري، سقطت السنة، وسقطت الصلاة، وسقط الصيام، لأن كلها رويت بطريقه وطريق أصحابه من أئمة الحديث.

خاتمة

رحم الله الإمام البخاري، العالم الصادق، الصامد أمام الكذب والسياسة والطوائف.

يكفيه أنه عاش ومات يقول:

“ما وضعت حديثًا في كتابي إلا بعد أن اغتسلت وصلّيت ركعتين.”

فمن كان يغتسل ويتطهّر قبل كتابة كل حديث، لا يليق بجهلٍ أن يطعن فيه من لم يغتسل قلبه من الحقد ولا لسانه من الكذب.

مجلة معاوية بن أبي سفيان

منصّة بحثية نقدية بلا مجاملات؛ نقول الأشياء كما هي ونحتكم إلى الدليل.

تحقيقات مسندة نقاش منضبط بلا تجريح خصم ‎17%‎ على السنوي