مجلة معاوية بن أبي سفيان
مجلة معاوية بن أبي سفيان

كشف الكذبة الكبرى في رواية “فتح خيبر”

كشف الكذبة الكبرى في رواية “فتح خيبر”
رضا شرارة
✍️ كاتب المقال:
١٣ أكتوبر ٢٠٢٥ · 2 دقائق
جميع المقالات ملف الكاتب

كشف الكذبة الكبرى في رواية “فتح خيبر”

بقلم ✍️ : رضا شرارة

تحقيق تاريخي:

نقدٌ منهجيّ يجمع بين تفنيد دعوى «الحكمة» وبين كشف الكذبة الكبرى في رواية «فتح خيبر»، بالاعتماد على نصوصٍ صريحة من صحيح البخاري وشرح فتح الباري.

من أكبر الأكاذيب التاريخية التي روّجها الروافض ومعهم كهنة المعبد العباسي، محاولة سرقة بطولة النبي ﷺ في فتح خيبر ونسبها إلى علي بن أبي طالب، زعمًا أن الفتح تمّ برايته وبسيفه.

لكن حين نرجع إلى صحيح الإمام البخاري نفسه – لا إلى كتب القصّاصين – نجد أن الفتح الحقيقي لخيبر كان بقيادة رسول الله ﷺ شخصيًا، وأنه هو الذي صلّى الصبح وركب بنفسه وقاد الجيش واقتحم الحصون حتى نصره الله.

أولًا: أين هي «الحكمة»؟

يُقال إن عليًّا أدار مرحلته بحكمةٍ استثنائية. لكن أين تجلّت هذه الحكمة عمليًا؟ فلم يولّه النبي ﷺ ولا الخلفاء الراشدون قيادة سرية واحدة، وبقي بعد تبوك في المدينة مع النساء والأطفال. فلو كانت له مهارة قيادية فذّة، لظهرت في ميدانٍ واحد على الأقل.

من منبر عثمان إلى نقل العاصمة

اعتلاء منبر الخليفة الشهيد عثمان وهو محاصر ، والتردد في الصلاة عليه ودفنه حتى تدخّل الصحابة، ثم نقل مركز الحكم من المدينة المنوّرة إلى الكوفة—كل ذلك فجّر الفتنة بدل إخمادها. ثم جاءت وقائع قتل طلحة والزبير، وفتح بيت المال للبغاة، وتعطيل القصاص من قتلة عثمان، وحتى إحراق بعض المخالفين بالنار، والنبي ﷺ يقول: «لا يُعذَّب بالنار إلا ربُّ النار».

ثانيًا: كذبة «فتح خيبر»

الكذبة التي تم ترويجها أن عليًّا هو «فاتح خيبر». لكن روايات البخاري الصريحة تُظهر أن القائد الفاتح هو رسول الله ﷺ نفسه.

سياق الغزوة الحقيقي

خيبر كانت قرية يهودية محصّنة شمال المدينة، خانت العهد مع المسلمين، وتحالفت سرًّا مع قريش لإخراج النبي ﷺ من المدينة.

فأمر الله نبيه بالتوجه لفتحها في السنة السابعة للهجرة، لإجلاء الخونة وردّ كيدهم.

الروايات الصحيحة من صحيح البخاري

من أراد الحقيقة، فليقرأ بنفسه في صحيح البخاري – كتاب الصلاة – باب التكبير والغلس بالصُّبح والصلاة عند الإغارة والحرب.

وردت فيه ست روايات صحيحة تؤكد أن الذي فتح خيبر هو رسول الله ﷺ بنفسه، ونقتصر هنا على اثنتين منها كدليل واضح:

الرواية الأولى (حديث رقم 957):

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:

أن رسول الله ﷺ صلى الصبح بغلس، ثم ركب، فقال: “الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين”.
فخرج القوم إلى أعمالهم، فقالوا: محمد والخميس! فأصابها النبي ﷺ عنوة، وجُمع السبي.

الشرح:

  1. النبي ﷺ هو الذي صلّى الصبح بنفسه وركب على دابته قائدًا للجيش.
  2. هو الذي كبّر عند الاقتحام قائلاً: «خربت خيبر» – ثلاث مرات.
  3. سكان خيبر تفاجؤوا عند رؤيته، مما يثبت أنه لم يكن هناك حصار أو تجهيز من غيره.
  4. الفتح تمّ على يده: «فأصابها عنوة» أي اقتحمها بجيشه وأخذها قهرًا.

الرواية الثانية (حديث رقم 3757):

عن أنس رضي الله عنه قال:

ركب النبي ﷺ بغلس، وركب أبو طلحة وأنا رديف أبي طلحة، فجرى النبي ﷺ في زقاق خيبر حتى دخل القرية، فقال: “الله أكبر، خربت خيبر” ثلاثًا. ثم ظهر رسول الله ﷺ على أهلها، فقتل المقاتلة وسبى الذرية.

الشرح:

نصٌّ صريح أن الذي دخل خيبر بنفسه هو رسول الله ﷺ، وهو الذي بدأ الهجوم ورفع راية الفتح وقاد القتال حتى تمام النصر.

(فظهر عليهم رسول الله ﷺ فقتل المقاتلة وسبى الذرية).

ردّ على أكذوبة “حديث الراية”

الحديث الذي يستدلّ به الروافض: «لأعطينّ الراية غدًا رجلًا يحبّ الله ورسوله…»، لا ينهض حجّة للأسباب الآتية:

  1. مخالف للقرآن الكريم:قال الله تعالى:﴿وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ﴾ [الأحزاب: 25]أي أن الله هو الذي تولّى الفتح، لا أحد غيره.
  2. مخالف للأدب النبوي:النبي ﷺ لا يمكن أن يقول “لأفعلنّ غدًا” دون أن يقول “إن شاء الله”، بعد أن علّمه الله في سورة الكهف ذلك الأدب العظيم.
  3. تناقض مع الواقع العسكري:لو كان عليٌّ لا يُشق له غبار كما يزعمون، فلماذا تركه النبي ﷺ في المدينة بين النساء والأطفال؟ولماذا منعه من الخروج في غزوة تبوك، وهي أعظم وأشقّ الغزوات؟لا بدّ إذًا من فهم الحقيقة: أن النبي ﷺ هو القائد في كل معركة، وأن لعلي أدوارًا محدودة في بعض المواقع، لا ترقى إلى مستوى “فاتح خيبر”.

تبويب البخاري نفسه شاهد

لاحظ أن الإمام البخاري عنون الباب بقوله:

“باب التكبير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب”

أي أنه يتحدث عن هيئة صلاة النبي ﷺ قبل الهجوم الحربي، وليس عن “إعطاء راية لعلي”.

فالمقصود هو توثيق سلوك النبي القائد في المعركة، لا تمجيد أحد غيره.

الرواية الوحيدة التي تشبّثوا بها… وتمامها يفضحهم

لا يملكون إلا حديث: «لأعطينّ الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه». ثم يقررون: إذن الفاتح هو علي! لكن حين نقرأ الرواية كلها يتبيّن أنها تكليفٌ دعويّ، لا قتال فيه:

فقال عليّ: يا رسول الله، أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال ﷺ: «على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حمر النعم».

لذلك بوّبها البخاري في باب: «فضل من أسلم على يديه رجل»—لا في أبواب الجهاد والقتال—ما يعني أن «الفتح» المقصود هنا فتح سلمي دعوي لبعض الحصون بالصلح والجزية (تمر/عجوة)، لا فتح خيبر بالسيف.فقال عليّ: يا رسول الله، أُقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال ﷺ: «على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حمر النعم».لا يملكون إلا حديث: «لأعطينّ الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله يفتح الله على يديه». ثم يقررون: إذن الفاتح هو علي! لكن حين نقرأ الرواية كلها يتبيّن أنها تكليفٌ دعويّ، لا قتال فيه:الرواية الوحيدة التي تشبّثوا بها… وتمامها يفضحهم

نصوص صريحة من صحيح البخاري

من صحيح البخاري وحده – دون أي اجتهاد أو تفسير – نثبت ما يلي:

المصدر + النص المختصر الدلالة
البخاري 957
«صلى الصبح، ثم ركب، وقال: الله أكبر خربت خيبر…»
النبي ﷺ هو الذي بدأ المعركة بنفسه.
البخاري 3757
«ركب النبي ﷺ بغلس، فدخل خيبر وقال خربت خيبر ثلاثًا»
النبي ﷺ هو الذي اقتحم المدينة وقاد الفتح.
البخاري (كتاب الصلاة)
«صلى الصبح بغلس ثم ركب فقال: الله أكبر خربت خيبر… فأصابها النبي ﷺ عنوة وجُمع السبي»
النبي ﷺ هو الذي صلّى، وركب، وكبّر، واقتحم، وفتح.
البخاري (رواية أنس)
«فقال: الله أكبر خربت خيبر (ثلاثًا)… فظهر رسول الله ﷺ فقتل المقاتلة وسبى الذرية»
قائد الميدان والفاتح: رسول الله ﷺ.
فتح الباري (المزارعة/الشروط)
خَيبر فُتح بعضُها صُلحًا وبعضُها عَنوة، وأُقِرّت المقاسمة على الثمر والزرع بنصف الغلة.
إثبات وجود صلحٍ في بعض الحصون مع ترتيباتٍ على الثمر والزرع (نصف الغلة).
فتح الباري (كتاب الجهاد)
يشرح ابن حجر تبويب البخاري في «دعوة اليهود والنصارى…» وأن المراد الدعوة قبل القتال ويختلف الحكم ببلوغ الدعوة.
المحور: الدعوة والهداية أولًا؛ القتال وسيلة لاحقة عند الحاجة.

من «الحكمة» إلى المعايير الراشدة

الخليفة الراشد يُقاس بقدرةٍ ثلاثية: إقامة العدل، وصيانة الدماء، وتوحيد الأمة. على هذا الميزان ثبت الخلفاء الثلاثة الأُول: أبو بكر في الردّة، عمر في العدل، وعثمان في الشورى واللين حتى استُشهد مظلومًا. وعلى هذا الميزان تتساقط دعاوى «حكمة» لم تُثبتها الوقائع.من «الحكمة» إلى المعايير الراشدة.

إضافة علمية:

رواية الراية بين النقد العلمي والواقع التاريخي

يزيد بعض المتعصبين تمسكًا برواية «الراية» المنسوبة إلى سهل بن سعد الساعدي، ويغفلون عن حقيقةٍ جوهريةٍ: أن سهلًا لم يشهد خيبر أصلًا، لأنه كان صغير السن آنذاك، كما تثبت ترجمته في كتب الرجال. وأول معركة شارك فيها مع النبي ﷺ كانت غزوة تبوك، أي بعد خيبر بسنوات.

فكيف يُعتمد على حديثه في واقعة لم يحضرها؟ إنها إذًا رواية مرسلة عن صحابي صغير لم يشهد الحدث. وإن قال أحدهم من المدرسة العباسية القديمة إن «مرسل الصحابي مقبول»، فالجواب أن هذه الرواية تُعارِض رواياتٍ أصحّ منها في الصحيح، تُثبت بالنصّ أن النبي ﷺ هو الذي فتح خيبر بنفسه.

قاعدة عند علماء الحديث: إذا عارض حديثٌ ظاهرُه الصحة حديثًا أصحَّ منه، فلا يُعتدّ بذلك الحديث ويُعتبر شاذًّا.

وهنا نجد أن لدينا ست إلى ثمان رواياتٍ في البخاري، كلها تُصرّح أن الذي صلّى الصبح وركب وكبّر واقتحم هو رسول الله ﷺ، بينما رواية سهل بن سعد تروى على وجهٍ لا يمكن الجمع بينها وبين تلك النصوص الصحيحة. فترجيحها ساقط من جهة الصناعة الحديثية.

تمييز بين خيبر والحصون التابعة لها

يجب أن يُعلم أن خيبر كانت قرية كبيرة محاطة بعدة حصون، وأن القتال الحقيقي كان في القرية نفسها بقيادة النبي ﷺ، أما الحصن الذي وُجه إليه عليّ رضي الله عنه فكان أحد الحصون الجانبية التي صالح أهلها على تمرٍ وعجوةٍ دون قتال، كما ذكر ابن حجر في فتح الباري.

بين خير من حمر النعم وخير التمر والعجوة

وكان الإمام البخاري رحمه الله عبقريًّا مُشفِّرًا لرسالته في تبويبه، إذ كان يعلم أن كلماته تُراقب وتُوزن حرفًا حرفًا من قِبَل السلطة العباسية المتربصة بكل من يلمّح إلى انحراف روايتهم الرسمية. فوضع حديث «الراية» في فضل من أسلم على يديه رجل "خير لك من أن يكون لك حمر النعم" في باب الجهاد و لكي لا يكون كذاب اضاف للجهاد كلمة «السير» : كتاب الجهاد والسير

، إشارة رمزية ذكية لأولي الألباب بأن عليًّا لم يأتِ بالفتح ولا بالهداية، بل عاد بالتمر والعجوة.

إسلام ويب - فتح الباري شرح صحيح البخاري - كتاب الجهاد والسير - باب فضل من أسلم على يديه رجل- الجزء رقم6
اقرأ عن فضل الدعوة إلى الإسلام من خلال حديث نبوي يروي قصة منح الراية لعلي بن أبي طالب يوم خيبر. يتناول الحديث كيف دعا النبي صلى الله عليه وسلم علياً بعد أن شُفي من عينيه، ليقود المسلمين في الدعوة إلى الإسلام. تتجلى قيمة الهداية في الإسلام، حيث أكد النبي أن هداية الله لشخص واحد على يد مسلم أفضل من كنوز الدنيا. هذا النص يعكس أهمية الدعوة وأثرها في تغيير النفوس، ويتناول معاني الحب الإلهي ورسالة الإسلام.

لقد دوَّن البخاري رسالته برموز مشفّرة كي لا يعرّض نفسه لمصير أئمة سبقوه، ولنا في حادثة جلد الإمام مالك عبرة لمن يعتبر

لماذا هذا التخريف؟

الجواب بسيط: العجز عن إيجاد رصيدٍ حقيقيٍّ لعليٍّ في الميدان. فكان لا بدّ للسبئية — مؤسسي التشيع — من صناعة أساطير ترفعه إلى مقامٍ لم يبلغه. سرقوا كل فضائل النبي ﷺ ومعجزاته ونسبوها لعليٍّ والحسين، في محاولةٍ لضرب النبوة نفسها والطعن في معجزة الإسلام الخالدة: القرآن الكريم.

وحين سُئلوا عن الدافع قالوا: إنه تقديسٌ للأئمة! والحقيقة أنه تحريفٌ للعقيدة وتبديلٌ للميزان. فلكي يصنعوا منه بطلاً خارقًا اخترعوا له ما ليس فيه، لأن حياته لم تُعرف بعملٍ عظيمٍ ولا بعلمٍ واسعٍ ولا بقيادةٍ راشدةٍ. فكانت الأساطير وسيلتهم لتعويض الفراغ.

قال أهل العلم: الكذب في التاريخ إذا خدم الهوى صار دينًا عند أهله.

وهكذا، فإن رواية الراية لا تصح سندًا ولا معنىً، والروايات الصحيحة الثابتة تشهد أن الفتح كان للنبي ﷺ، وأن عليًّا لم يُؤمر بقتالٍ قط، وإنما أُرسل داعيةً لليهود بالصلح، فعاد بالعجوة والتمر لا بالنصر والظفر.

الخاتمة:

الفتح الحقيقي لخيبر كان على يد النبي محمد ﷺ، أما حديث الراية فمجرد رواية موضوعة أو محرّفة السياق استُغلّت لتضخيم دورٍ جزئيٍّ لأحد الصحابة وإخفاء بطولة القائد الأعظم ﷺ.

  • قائد فتح خيبر الميداني: النبي محمد ﷺ بنصوص البخاري.
  • تكليف علي: دعوةٌ وصلحٌ وجزية لبعض الحصون — «فتح» سلمي لا حربي.
  • ذكاء البخاري وتقرير ابن حجر ينسفان دعاية «الفتح العلوي» من أصلها.

فليحفظ المسلم تاريخه من التحريف، وليُنسب الفضل إلى أهله.

بقلم ✍️ : رضا شرارة

مجلة معاوية بن أبي سفيان

منصّة بحثية نقدية بلا مجاملات؛ نقول الأشياء كما هي ونحتكم إلى الدليل.

تحقيقات مسندة نقاش منضبط بلا تجريح خصم ‎17%‎ على السنوي