تُعرَض بيعة الرضوان عادةً بصيغة مجرّدة، دون توضيح سبب انعقادها، مع أنّ الله سبحانه وتعالى أثنى على أصحابها في قوله تعالى:
{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ } [الفتح: 18]
لكن ما لا يذكره كثير من الخطباء والمؤرخين، هو أن هذه البيعة العظيمة التي بايع فيها الصحابة على الموت، كانت بسبب إشاعة مفادها أنّ قريش قتلت عثمان بن عفان رضي الله عنه.
الحديث النبوي يصف قتلة عثمان
في مسند الإمام أحمد (المجلد 6 / ص 87) جاء حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:
“يا عثمان، إنّ الله عسى أن يُقَمِّصك قميصًا، فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني.”
وهذا النص النبوي يحمل دلالات قاطعة:
- أنّ خلع عثمان من الخلافة كان طلبًا من المنافقين.
- وأنّ من يخلع قميص الخلافة عن عثمان فهو منافق بنصّ حديث صحيح الإسناد كما في الهامش: «إسناده صحيح، رجاله ثقات»، ورواه النسائي وابن ماجه وأحمد.
شهادة الصحابة يوم الدار
في كتاب مقتل الطالبين لأبي الفرج الأصفهاني، ورد قول الصحابي الشهيد عبد الله بن وهب بن زمعة، من بني أسد:
“نقاتل دون ابن عفان، إنّه إمام، وقد جاشت عليه القبائل.”
وهي شهادة عظيمة تثبت أن:
- بعض الصحابة استُشهِدوا دفاعًا عن عثمان يوم الدار.
- وهؤلاء الشهداء نُسُوا ظلمًا، فلا تُذكر أسماؤهم كما تُذكر ضحايا كربلاء.
البعد التاريخي والعقلي
نبيّ الأمة ﷺ أعلن القتال لأجل رجل واحد: عثمان بن عفان، بل بايع أصحابه بيعة الموت بسبب إشاعة مقتله. فكيف لمن بايع على الموت لأجله أن يعود بعد سنوات فيقتله؟!
العقل والمنطق يقولان: إذا كان رسول الله ﷺ بايع لأجل عثمان، فمن يخلعه فهو:
- قد خالف أمر النبي ﷺ،
- ونقض بيعة الرضوان،
- ودخل في وصف المنافقين كما في الحديث الصحيح.
الرد على الطاعنين في عثمان
من الغرائب أن الروافض والسبئية يطعنون في عثمان رضي الله عنه، ويخفون:
- حديث النبي الصريح عنه،
- ودفاع الصحابة عنه،
- وشهادته بالقرآن في بيعة الرضوان.
لكنّهم في المقابل لا يتحرجون من نشر أحاديث ضعيفة في فضل من يحبّون، دون تثبّت ولا أمانة علميّة.
الخاتمة
عثمان هو صاحب بيعة الرضوان، بل إنّ البيعة كلّها عُقدت لأجله. وما فعله بجمع القرآن أغاظ الزنادقة، لأنّه أبطل تحريفاتهم وأحبط خططهم في دسّ آيات مزعومة تثبت ألوهية غير الله.
ولهذا قالوا: “إما أن نخلعه أو نقتله”، فنجحوا في اغتياله، لكنّهم لم ينجحوا في خلع خلافته؛ لأنّ الله حماه منها كما وعد نبيّه ﷺ:
“فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني.”
رضي الله عن عثمان، وعن المدافعين عنه، والسلام على شهداء الدار الذين نُسوا عمدًا.