تساؤلات تاريخية حول سيرة علي بن أبي طالب
من أراد أن يتكلّم عن معاوية رضي الله عنه، فليكن صادقًا مع نفسه أوّلًا، وليفكّر في هذه التساؤلات التي تُطرح حول علي بن أبي طالب عبر مراحل زمنية مختلفة من حياته.
أسئلة بلا أجوبة
قبل أن يعلو صوتك في نقد معاوية أو مدحه، قف قليلًا وتجرّأ على مواجهة الأسئلة التي يهرب منها الجميع. أسئلة تتعلّق بعليّ بن أبي طالب، لا تحتاج إلى تعليق ولا إلى جدال، بل فقط إلى شجاعة النظر إليها كما هي. إن كنت صادقًا مع نفسك، اقرأها… ثم أجب قلبك في صمت.
أولاً: في حياة الرسول ﷺ
- لماذا لم يُطِع الرسول ﷺ في صلح الحديبية عندما طلب منه أن يمسح ما أُمِر به (انظر: صحيح البخاري، كتاب الشروط)؟
- لماذا طلب من زوجته أن تُكلّم أباها ليُحضِر لها خادمة، وخرج الرسول ﷺ وابنته بسبب ذلك (صحيح البخاري، كتاب النفقات)؟
- لماذا استعجل في أخذ جارية من السبي قبل أن يقسمها الرسول ﷺ، حتى اشتكى منه الصحابة (سنن أبي داود)؟ وهل تحقّق من حالها قبل أن يطأها؟
- لماذا جادل الرسول ﷺ عندما طلب منه أن يصلّي هو وفاطمة (صحيح البخاري، كتاب فضائل الصحابة)؟
- لماذا أراد الزواج من بنت أبي جهل حتى خرج الرسول ﷺ على المنبر رافضًا هذا الزواج معلنًا أذيته له ولبنته (صحيح البخاري، كتاب النكاح)؟
لماذا قام ﷺ على المنبر فقال في خطبته الشهيرة التي ذم فيها مصاهرته لعلي بن أبي طالب بعد أن آذى علي رسول الله في ابنته فاطمة -رضي الله عنها- وكسر قلبها بخطبته ابنة أبي جهل!! فصعد رسول الله المنبر وقال :-
( فاطمة بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ). و لماذا مدح رسول الله في خطبته صهره الآخر العاص بن الربيع زوج زينب رضي الله عنهما وقال ﷺ :
أنكحت أبا العاص ابن الربيع "فحدثني وصَدَقني".
أي أنك يا علي لم تكن صادقاً معي ولا وفياً كالعاص بن الربيع ؟ صحيح البخاري باب ذكر الأصهار .
- لماذا ارتقاء النبي على المنبر أمام الناس وتوبيخ علي في مسألة عائلية وعدم استدعاء النبي لعلي مباشرة لحل المشكلة بينهما وُدياً، فلم يذهب له النبي ولم يستدعيه حتى... بل وقف على المنبر موبخاً له ولإيذائه لابنته، فلم يكن النبي ليخرج على المنبر من أول خطأ لعلي والتشهير به على الملأ!! حاشا رسول الله وقد جُمعت به مكارم الأخلاق.
- لماذا قالت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-:
(لما ثقل على النبي صلى الله عليه وسلم وجعه استأذن أزواجه أن يمرض في بيتي، فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه الأرض وكان بين: العباس ، "ورجل آخر"). قيل لابن عباس: من ذلك الرجل الآخر؟قال: علي بن أبي طالب، كانت أم المؤمنين عائشة لا تطيب له نفساً. - لماذا قال لعمّه: “لن أطلب من الرسول أن يوصي لنا” (المسند لأحمد، باب فضائل الصحابة)؟ وكان رده: إن سألناها لن يعطينها أحد.
ثانياً: بعد وفاة الرسول ﷺ
- لماذا تأخّر عن بيعة أبي بكر ستة أشهر (صحيح البخاري، كتاب المغازي)؟
- لماذا لم يشارك في حروب الردة ولا في الفتوحات الكبرى زمن أبي بكر (تاريخ الطبري)؟
- لماذا غضب أبو بكر من دخول رجل أجنبي على زوجته، فاشتكى الأمر للرسول ﷺ، وقيل في بعض الروايات إن هذا الأجنبي هو علي (مسند أحمد)؟
- لماذا علي طمر قبر فاطمة وأخفاه ودفنها سراً في الليل ولم يخبر المسلمين ولا الخليفة ولم يصلي عليها في المسجد النبوي حالها كحال المسلمين لماذا حرمها من صلاة المسلمين عليها صحيح البخاري ( باب غزوة العشيرة او العسيرة)
ثالثاً: زمن عمر وعثمان
- لماذا لم يؤمّره الرسول ﷺ على سرية أو جيش نحو الحبشة (الطبقات الكبرى لابن سعد)؟
- لماذا طعن في عثمان حين نهاه عن الجمع بين الحج والعمرة، وهل يحق له أن يُشهِّر بالخليفة علنًا في الحج أمام الوفود (صحيح مسلم)؟
- لماذا قال له عثمان: أراك لا تريد إلا مخالفتي (سنن النسائي)؟
- لماذا قال له المقداد عند إعلان عثمان خليفة: لا تجعل لنفسك عليك حقًّا (تاريخ ابن كثير)؟
- لماذا لم يقتصّ من قتلة عثمان؟ ولماذا لم يُصلِّ عليه (تاريخ الطبري)؟
- لماذا كان وسيطًا لقتلة عثمان عند خصوم المدينة (الطبري)؟
- لماذا شارك ربيبه محمد بن أبي بكر في قتل عثمان، ومن أين جاء هذا الحقد وهو الذي ربّاه صغيرًا بعد أن تزوّج عليٌّ أرملة أبي بكر (الطبقات لابن سعد)؟
رابعاً: خلافته
- لماذا قاتل طلحة والزبير؟ ولماذا خرج من المدينة متّجهًا إلى مواطن الفتن (وقعة الجمل – الطبري)؟
- لماذا ترك مركز الإسلام (المدينة) وجعل مقرّه الكوفة، تاركًا العاصمة الشرعية
- لماذا اتجه إلى قتال طلحة، ثم إلى صفّين (الطبري، الكامل لابن الأثير)؟
- لماذا اتجه إلى صفّين بعد مجزرة قتل طلحة و الزبير الم تكن كافية حادثة الجمل لوقف الفتن او حتى التريث بدل من التقتيل بين المسلمين ؟
- لماذا وضع قتلة عثمان في جيشه، وهم بُغاة خوارج (الطبري)؟
- لماذا أحرق من خرج عليه (سنن البيهقي)؟
- لماذا ورّث الحكم لابنه الحسن (الكامل لابن الأثير)؟
- لماذا أخذ رمح عثمان بعد مقتله وطالب به ورثة طلحة (الطبري)؟
- لماذا قبل بالتحكيم ثم ندم عليه؟ أليس هذا اضطرابًا في القرار؟
خامساً: في روايات متفرقة
- لماذا دُفنت فاطمة ليلاً، وحُرِم المسلمون من الصلاة عليها (صحيح البخاري)؟
- لماذا ورد في الحديث أن النبي ﷺ قال: لأعطين الراية غدًا رجلًا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله (صحيح البخاري، كتاب المغازي)، بينما يظهر أن النبي لم يقل “إن شاء الله”؟ كيف يُعزى ذلك للنبي الذي أُمر بأن يقول دائمًا “إن شاء الله”؟
الخاتمة
هذه الأسئلة ليست من نسج الخيال، بل من كتب الحديث والتاريخ. لا تحتاج إلى خطيب يصرخ ولا إلى واعظ يبرّر.
إنها نقاط سوداء تُطرح كما هي، تلاحق صورة مثالية يرسمها الناس دون تدقيق.
إن شئت، تجاهلها. وإن شئت، واجهها.
لكن تذكّر: التاريخ لا يُطهَّر بالصراخ، بل يُقرأ بصدق، حتى لو أوجع القلب وأسكت اللسان
هذه أسئلة متتابعة، تطرح وقائع مسطورة في كتب التاريخ والحديث، دون تعليق أو تفسير.
ويبقى القارئ حرًّا في أن يتأملها بصدق، وأن يكوّن رؤيته عن شخصية عليّ بن أبي طالب بعيدًا عن الجدل والتعصّب