عمرو بن العاص حرَّضني
قراءة فكرية في وعي د. مصطفى علي حسين ومسار التيار العثماني الأموي الجديد
ما بين الغيرة على الصحابة، والرغبة في تصحيح الوعي العام، يقدّم الدكتور مصطفى علي حسين في هذا الفيديو شهادة صادقة عن التحوّل الذي قاده نحو الخوض في أعماق التاريخ الإسلامي، حين قال بوضوح: «عمرو بن العاص حرّضني» — أي أيقظ فيه روح الدفاع عن الحقيقة التاريخية التي شوهها الخطاب الشيعي والباطني لعقود طويلة.
مشاهدة الفيديو: عمرو بن العاص حرَّضني
من الغيرة إلى الوعي: عمرو بن العاص أيقظ الضمير
يروي الدكتور مصطفى أن الشرارة الأولى جاءت حين استمع إلى أحد الشيوخ المشهورين في مصر، يتحدث عن معركة صفّين وكأنها خصومة بين فتوات في حارة قاهرية. فكان ذلك الدرس المختزل إهانة لعقول الناس قبل أن يكون إساءة لصحابة رسول الله ﷺ.
لقد صوّر ذلك الشيخ الإمام علي رضي الله عنه كأنه يتحدّى معاوية بن أبي سفيان على أمرٍ دنيوي، وعمرو بن العاص كأنه رجل مخادع أو صاحب دهاء خسيس. هذه الصورة، كما يقول الدكتور مصطفى، هي التي أيقظت غيرته:
«أيرضى مسلم أن يُقال عن عمرو بن العاص إنه شلح أو أظهر عورته؟! أيرضى أحد أن يُصور أصحاب رسول الله بهذه السخرية؟!»
ومن تلك اللحظة، تحوّل اهتمامه من علوم اللغة إلى دراسة التاريخ التحقيقي، ليفضح ما أسماه بـ «المؤامرة الكبرى التي سمّوها الفتنة الكبرى»، مؤكداً أن السكوت السني الطويل هو الذي سمح للباطنية أن يصوغوا الرواية الوحيدة في الأذهان.
منهج المدرسة العثمانية الجديدة
يشكل الدكتور مصطفى علي حسين، في رؤيته وتحليله، امتدادًا للمدرسة التي أسسها المفكر العراقي الدكتور طه حامد الدليمي — تلك المدرسة التي نقلت الخطاب السني من الدفاع العاطفي إلى الوعي الفكري النقدي، ووضعت إصبعها على الجرح الحقيقي:
«أزمة الأمة ليست في الخلافات الفقهية أو السياسية، بل في اختيارها الخاطئ لنموذج الحكم والمرجعية.»
فالدليمي، كما يصفه أنصاره، هو من بلور الهوية العثمانية الفكرية الحديثة؛ تيارٌ يرى أن النجاة للأمة لا تكون إلا بعودة الوعي السياسي إلى منطق الصحابة — لا إلى ثقافة العصمة والوصاية التي غزت العقل الإسلامي منذ القرن الأول.
بين التاريخ والجيوسياسة
ما يقدمه هذا التيار — من الدليمي إلى مصطفى علي حسين — ليس مجرد إعادة قراءة للتاريخ، بل مشروع وعي سياسي معاصر يُعيد تعريف العلاقة بين الدين والسلطة، ويقرأ خرائط الصراع الإقليمي اليوم على ضوء جذور الفتنة الأولى.
فالعالم الإسلامي ما زال يدور في «الزقاق ذاته» الذي وصفه د. مصطفى في كلامه عن الشيخ المصري: معارك شكلية، تكرار للخطأ ذاته، وحروب بلا بوصلة بين من يرفع راية الدين ومن يجهل جوهره.
الوعي كفعل مقاومة
إن الدفاع عن معاوية وعمرو بن العاص ليس تمجيدًا لشخصين، بل هو استعادة للعقل السياسي المفقود الذي كان يعصم الأمة من الانقسام، ويمنع تحوّل الإيمان إلى صراع قبلي أو مذهبي.
هذا التيار — التيار العثماني الأموي الجديد — يرى أن تحرير الأمة يبدأ بتحرير التاريخ؛ فلا نهضة بدون تصحيح الرواية، ولا إصلاح سياسي دون إصلاح في الوعي التاريخي.