مجلة معاوية بن أبي سفيان
مجلة معاوية بن أبي سفيان

علي.. من معارضة النبي ﷺ إلى الطعن في الخلفاء

تاريخ النشر: ١١ نوفمبر ٢٠٢٥
وقت القراءة: 3 دقائق قراءة
رئيس  تحرير مجلة معاوية أبن ابي سفيان
كاتب المقال: رئيس تحرير مجلة معاوية أبن ابي سفيان
عدد المقالات:
علي.. من معارضة النبي ﷺ إلى الطعن في الخلفاء
علي.. من معارضة النبي ﷺ إلى الطعن في الخلفاء

علي.. من معارضة النبي ﷺ إلى الطعن في الخلفاء

منذ اللحظات الأولى لتأسيس الدولة الإسلامية، برزت شخصية علي بن أبي طالب كحالةٍ فريدةٍ من نوعها: عقلٌ ذكيٌّ لا يُنكر، لكنه يحمل نزعةً متأصلةً إلى المعارضة والجدال، وميلاً دفيناً إلى مخالفة القيادة حتى في أوامرها الشرعية الواضحة. ليست الحادثة مع عثمان سوى امتدادٍ لنمطٍ قديمٍ بدأ منذ العهد النبوي نفسه، واستمرّ مع أبي بكر، ثم ظهر في صورةٍ أكثر حدّة مع عثمان، وانتهى إلى الفتنة الكبرى.

١. البداية من العهد النبوي: الاعتراض في صلح الحديبية

في صحيح البخاري (كتاب الشروط)، لما أمر النبي ﷺ علياً أن يمسح ما كُتب في وثيقة الصلح بعد اعتراض المشركين على لقب «رسول الله»، رفض علي وقال: «لا، والله، لا أمحوك أبداً». رفضه لم يكن رأياً فقهياً بل موقفاً عاطفياً فيه تمرّد على أمر مباشر من النبي نفسه. أراد الرسول ﷺ أن يُنهي الأزمة بحكمةٍ ويُقدّم تنازلاً لحفظ مصلحة الأمة، لكن علي فضّل أن يُظهر نفسه حارساً للاسم، لا مطيعاً للوحي. (انظر الصورة رقم ٥)

حديث صلح الحديبية
الصورة رقم ٥: مقطع من صحيح البخاري يوضح امتناع علي عن تنفيذ أمر النبي ﷺ في صلح الحديبية حين طلب منه أن يمسح عبارة «رسول الله».

٢. الجدل مع النبي ﷺ في مسألة الصلاة

في صحيح البخاري (كتاب فضائل الصحابة)، قال النبي ﷺ لعلي وفاطمة: ألا تصلّيان؟ فقال علي: إنما أنفسنا بيد الله، إن شاء أن يبعثنا بعثنا. فتركهما النبي ﷺ، إذ كان الموقف كافياً دلالةً على الطبع الجدلي. هذا الجواب يكشف ميلاً إلى المماحكة وتبرير التقصير بالقدر لا بالطاعة. (انظر الصورة رقم ٦)

حديث الصلاة مع فاطمة
الصورة رقم ٦: نص الحديث الذي جادل فيه علي النبي ﷺ حين دعاه للصلاة مع فاطمة.

٣. من الاعتراض إلى الصمت السياسي: ستة أشهر بلا بيعة

بعد وفاة النبي ﷺ، تأخر علي عن بيعة أبي بكر ستة أشهر كما في صحيح البخاري (كتاب المغازي)، ولم يشارك في حروب الردة ولا في الفتوحات الكبرى. كان المهاجرون والأنصار يحمون الدولة بالسيف، وهو يعتزل في بيته، كأنه يحتجّ بالصمت. (انظر الصور رقم ٧ و٨)

تأخر علي عن بيعة أبي بكر
الصورة رقم ٧: حديث أم المؤمنين عائشة يوضح أن علياً دفن فاطمة ليلاً ولم يؤذن أبا بكر بها، وتأخر عن البيعة ستة أشهر.
روايات البيعة
الصورة رقم ٨: روايات الزهري تبيّن أن بني هاشم كانوا في بيت علي جميعاً ولم يبايعوا أبا بكر، ما يكشف النواة الأولى للتنظيم الهاشمي المعارض.

٤. دفن فاطمة سراً… إعلان القطيعة مع الأمة

روى البخاري أن علياً دفن فاطمة ليلاً ولم يُؤذن أبا بكر بالصلاة عليها. تقول عائشة: «كان له وجه عند الناس حياة فاطمة، فلما توفيت دفنها ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر.» ذلك الدفن السري كان موقفاً سياسياً مغلفاً بالحداد، إذ حرم المسلمين من صلاة الجماعة عليها، وكأنه أراد أن يجعل موتها صرخة احتجاج ضد الأمة كلها. (انظر الصور رقم ٧–٨)

٥. البيعة المتأخرة بعد استقرار الدولة

بعدما قهر أبو بكر المرتدين ووحّد الجزيرة، بعث إليه علي يطلب لقاءً خاصاً، قائلاً: «ائتنا وحدك كراهة لمحضر عمر.» فقال عمر: «لا تدخل عليهم وحدك»، فأجابه أبو بكر: «وما عسيتهم أن يفعلوا بي؟» فدخل عليهم. قال علي: «إنا قد عرفنا فضلك وما أعطاك الله، ولكنك استبددت علينا بالأمر.» تلك الجملة القصيرة كانت الشرارة الأولى لعقيدة "الإمامة بالقرابة" التي ستنجب لاحقاً نظرية الرفض. (انظر الصورة رقم ٣ من المطالب العالية)

المطالب العالية
الصورة رقم ٣: موضع الحديث الذي أظهر فيه علي اعتراضه على أبي بكر وادعى أن له حقاً بالقرابة.

٦. الطعن في عثمان أمام الأمة

ثم جاء المشهد الأكبر حين طعن علي في عثمان بن عفان في موسم الحج علناً، قائلاً: «ما تريد إلا أن تنهى عن أمر فعله النبي ﷺ»، فكان ذلك كسراً لهيبة الخليفة أمام وفود الأمة، وبداية التحريض الذي انتهى بفتنة الدم. (انظر الصور رقم ١ و٢)

تضعيف الرواية
الصورة رقم ٤: تعليق المحقق يبيّن تضعيف بعض الروايات لكن بقاء المعنى ثابتاً تاريخياً.

٧. التحليل الختامي

من الحديبية إلى الحج، ومن الصلاة مع فاطمة إلى دفنها سراً، ومن تأخير البيعة إلى الطعن في عثمان، خيط واحد يجمع المواقف كلها: نزعة المعارضة. علي لم يعارض أشخاصاً بل فكرة السلطة ذاتها، ولم يتقبل يوماً أن يكون تابعاً تحت إمرة غيره. ومن هذه النزعة وُلدت فكرة "المظلومية" التي صاغت الوعي الشيعي لاحقاً وجعلت التمرد قاعدة لا استثناء. هكذا تبيّن أن الجدل لم يكن علماً بل مرضاً فكرياً أورث الأمة قروناً من الانقسام.


شكر وتقدير للمؤثر عباسي سابق

تتوجه مجلة «معاوية بن أبي سفيان» بالشكر للمؤثر عباسي سابق الذي تناول هذه القضايا التاريخية بموضوعيةٍ وشجاعةٍ علميةٍ نادرة. لقد ألهمت تغريداته وتحليلاته هذا المقال، وبيّنت أن قول الحق في وجه الخطاب العباسي المتوارث هو من أعظم أنواع الجهاد العلمي.

«هي أسمى أنواع الجهاد أن تتصدّى للظلم العِلمي والسلطان العباسي الجائر؛ فإنّ مقاومته علمٌ يبقى صدقةً جاريةً للمؤمن، وكتم هذا العلم يلجم صاحبه.»

مجلة معاوية بن أبي سفيان

منصّة بحثية نقدية بلا مجاملات؛ نقول الأشياء كما هي ونحتكم إلى الدليل.

تحقيقات مسندة نقاش منضبط بلا تجريح خصم ‎17%‎ على السنوي