مجلة معاوية بن أبي سفيان
مجلة معاوية بن أبي سفيان

طعن علي بن أبي طالب في ولي أمره عثمان بن عفان أمام الناس

١٥ نوفمبر ٢٠٢٥ 1 min read
رئيس تحرير مجلة معاوية أبن ابي سفيان
طعن علي بن أبي طالب في ولي أمره عثمان بن عفان أمام الحجيج

طعن علي بن أبي طالب في وليِّ أمره عثمان بن عفان أمام الحجيج

في مشهدٍ قلَّ نظيره في تاريخ الأمة، وأمام جموعٍ غفيرةٍ من الحجيج القادمين من الأمصار، وقف علي بن أبي طالب يُعارضُ أمير المؤمنين عثمان بن عفان في مسألةٍ فقهيةٍ ظاهرة، ويُنكِر عليه علنًا أمام الناس.

الحادثة كما رواها المؤرخون

نهى الخليفة عثمان رضي الله عنه الناس عن التمتّع بالعمرة إلى الحج، واستحبَّ الإفراد؛ وهو ما رآه فقهًا راجحًا اقتداءً برسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر من بعده. فلما بلغ ذلك عليًّا، ثار وغضب، وجاء إلى عثمان في موسم الحج وقال أمام الحضور:

"ما تريدُ إلا أن تنهى عن أمرٍ فعله النبي ﷺ!"، ثم لبّى علي بالحج والعمرة معًا.

كان المشهد أمام الوفود القادمة من الشام ومصر والعراق وإفريقيا، فكان أثره كبيرًا على النفوس، إذ بدا أن رجلاً من كبار الصحابة يطعن في فقه الخليفة أمام الأمة ويُحرجه في أقدس بقاع الأرض.

التحليل الشرعي والتاريخي

ثبت عن الفقيه التابعي عروة بن الزبير أنه قال:

"حجّ رسول الله ﷺ ثم لم تكن عمرة، ثم حجّ أبو بكر، ثم حجّ عثمان، ثم حجّ معاوية، ثم عبد الله بن عمر والزبير بن العوام، ولم تكن عمرة".

وهذا النصّ الصريح يُبيّن أن فعل عثمان كان هو السنة الجارية بين الخلفاء والفقهاء، وأن ما فعله لم يكن بدعة ولا مخالفة، بل موافقة لما فعله النبي ﷺ في حجة الوداع من الإفراد.

سؤال الموقف والهيبة

لكن السؤال الأخلاقي والسياسي هنا: هل يليق برجلٍ من "آل البيت " أن يُنكر على خليفته ووليّ أمره علنًا، أمام جموع الأمة، في أعظم مجمعٍ إسلامي؟ أليس في ذلك كسرٌ لهيبة الدولة وإضعافٌ لمقام الإمامة الراشدة؟

إن عليًا لم يعذر عثمان في اجتهاده، ولم يتأول له الخير، بل واجهه باتهامٍ مباشرٍ بأنه خالف السنة، وهو ما لا يجوز في مقام السياسة الشرعية التي تقوم على الستر والنصيحة لا على التشهير.

«التحريض على ولي الأمر في مواسم الجامعة الدينية هو نواة الفتنة، ولو كان باسم الاجتهاد الفقهي.»

ردّ عثمان المطموس من الروايات

في صحيح مسلم ورد أن عثمان ردَّ على علي، لكن الكلمة الأصلية حُذفت من الرواية، إذ جاء في بعض النسخ: قال عثمان لعلي: (.. كلمة ..). وفي مسند أحمد كذلك: فقال عثمان لعلي: إنك كذا ... وكذا.

وبعد البحث في الروايات القديمة، وُجد أن عثمان قال لعلي: «إنك لضالٌّ مضلّ»، كما أوردها بعض المحدثين بسندٍ صحيحٍ إلا عن رجلٍ يُدعى أبو سعيد مولى أبي أسيد، وصفه بعضهم بالمجهول، ثم وُثّق في موضعٍ آخر من نفس الكتاب.

مغزى الحادثة ودلالتها السياسية

ما فعله عليّ كان بدايةً لتآكل الهيبة الراشدة في نفوس العامة، إذ شجع آخرين على الجرأة في النقد والطعن في القيادة، وفتح الباب أمام خطاب المعارضة العدواني الذي انتهى بمقتل الخليفة الثالث واندلاع الفتنة الكبرى.

لو شبّهنا الموقف بعصرنا، فهو كأن يقوم أحد وزراء الدولة اليوم في مؤتمرٍ إسلامي عالمي، فيُهاجم رئيسه أمام الوفود ويطعن في دينه. إنّ أيّ دولةٍ اليوم ستراه تحريضًا صريحًا على الفوضى وزعزعةً للأمن الوطني، لا "حرية رأي" كما يتوهم الغافلون.


مصادر الروايات
توثيق من المصادر التاريخية والمرويات الأصلية

خاتمة وتأمل

لم يكن الطعن في وليّ الأمر يومًا من الدين، ولا كانت المعارضة العلنية من شيم أهل الورع والعلم. والذي جرّأ الناس على عثمان يومها هو ما رأوه من جرأة بعض الكبار عليه، حتى صار من المشروع عند العامة أن يرفعوا أصواتهم على إمامهم.

من هنا، تُعيد مجلة معاوية بن أبي سفيان التذكير بأنّ الفتنة لم تولد صدفة، بل من تراكماتٍ لفظيةٍ ومواقف صغيرة، غاب عنها التعقل وغلب عليها الحسد، حتى طعنت الأمة نفسها في قلبها وهي لا تدري.


شكر وتقدير للمؤثر عباسي سابق

تنحني مجلة «معاوية بن أبي سفيان» تقديراً لجهد المؤثر عباسي سابق الذي تناول هذا الموضوع بدقّةٍ ومصداقية، واعتمد على مصادر موثوقةٍ وسجلات تاريخية موثّقة. لقد أثّرت ملاحظاته وتحليلاته على شكل هذا المقال وألهمتنا الاستزادة من التحقيق والتوثيق.

نقتبس من تغريداته وكلماته التي ألهمت هذا العمل: «هي أسمى أنواع الجهاد أن تتصدّى للسلطان العبّاسي الجائر؛ فإنّ مقاومته علمٌ يبقى صدقةً جاريةً للمؤمن، وكتم هذا العلم لجم صاحبه.»

نقدّم شكرنا لعباسي سابق لطرحه الموضوع بموضوعيةٍ وبأدلةٍ تدعم الجدال العلمي، ولتحويله حواراً تاريخياً يحتاجه القارئ ليقيّم الوقائع بضميرٍ واعٍ. هذا المقال مستلهم من مواقفه وتغريداته التي أثارت نقاشاً عميقاً حول مسؤولية العلماء والمثقفين في حفظ الحقيقة وتحريم التحريض.


المراجع: IMG_6610IMG_6611IMG_1818IMG_1819

مجلة معاوية بن أبي سفيان

منصّة بحثية نقدية بلا مجاملات؛ نقول الأشياء كما هي ونحتكم إلى الدليل.

تحقيقات مسندة نقاش منضبط بلا تجريح خصم ‎17%‎ على السنوي