عثمان بين نبوءة «القميص» وشهادة عائشة وظلال الفتنة

كُنَّا نقولُ في زمنِ النبيِّ ﷺ: لا نَعْدِلُ بأبي بكرٍ أحدًا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك سائرَ أصحاب النبي ﷺ لا نُفاضِلُ بينهم.[0] هذا هو الميزان السنّي المستقرّ: تقديم الثلاثة، وتعظيم الجميع، وتركُ التنازع فيهم.
وتتضافر الشواهد على أنّ الحقَّ كان مع أمير المؤمنين عثمان بن عفّان رضي الله عنه، وأنه معصومُ الدم، وقد قُتل مظلومًا على يد فئةٍ باغيةٍ خرجت بالسلاح. وكان السلف من الصحابة وأمّهات المؤمنين يُنكِرون صنيعَ القتلة ويطالبون بالقصاص الشرعي.[2]
أمّا توصيفُ بعض التواريخ المتأخّرة — ذات الميل المذهبي أو التلوين السياسي — لذلك الخروج المسلّح على أنه «ثورة شعبية»، فليس إلا تحريفًا للمسمّيات: إنما هو انقلابٌ مسلّح على خليفةٍ شرعيّ، فتح أبواب الفتنة وبدعةِ حكم المتغلّب.
1) نبوءة «القميص»: اثبُت ولا تخلع
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال لعثمان:
إن الله عسى أن يُلبسك قميصًا، فإن أرادك المنافقون على خلعِه فلا تخلعه حتى تلقاني
.
وحَكَمَ الهيثمي في مجمع الزوائد: «إسناده صحيح، رجاله ثقات».[1]
2) شهادة عائشة في ظُلامة عثمان
في رواية طلق بن خُشّاف: سُئِلَت عائشة رضي الله عنها عن شأن عثمان فقالت: قُتل مظلومًا… ودعت على قاتليه؛ قال الهيثمي: «رجاله رجال الصحيح، وطلق ثقة»، ونقل البخاري طرفًا في التاريخ الكبير.[2]
3) «هذا عثمان» والهدى معه
جاءت نصوصٌ في الفتن بعبارة: هذا يُوعِدُ وأصحابُه على الحق والهدى
، ثم قيل: «مَن هو؟» فقال: «هذا»؛
وصُرِّح في طرقٍ أخرى بأنه عثمان. وخلاصة أحكام النقّاد: إسنادٌ صحيح، ورجالٌ ثقات.[3]
4) بين حمايةِ الهودج وواقعةِ الجمل
كان عثمان وعبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنهما) ممّن يحمي هوادج أمّهات المؤمنين في أسفار الحجّ زمن عمر رضي الله عنه، فلا يُدنى منهنّ ولا تُنتهك حُرمتُهنّ. ثم دارت الدائرة بعد ذلك بسنين، وفي وقعة الجمل أصابت السهامُ هودجَ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في ميادين الاقتتال كما في مصادر التاريخ؛ وهو مشهدٌ مؤلمٌ يُجسّد كيف جرّ الخروجُ المسلّح الفتنةَ على خيارِ الأمة. (التعيينُ الدقيقُ لمسؤولية الرشق سهمًا بسهمٍ محلُّ خلافٍ روائي، والمتيقَّنُ حُرمةُ الأمّ ووجوبُ الكفّ عن أعراض الصحابة.)
خلاصة محكمة
الميزانُ السنّي: تقديمُ أبي بكر ثم عمر ثم عثمان، وتعظيمُ جماعة الصحابة. والرواياتُ الصحيحة تشهد أن عثمانَ رضي الله عنه كان المُحِقَّ يوم الفتنة، وأنه قُتل مظلومًا. أمّا توصيفُ الخروج المسلّح على أنه «ثورة شعبية» فليس إلا تحريفًا للمسمّيات.
المراجع والإحالات
- صحيح البخاري (ترتيب التقديم: «كنا نقول في زمن النبي ﷺ: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان… ثم نترك أصحاب النبي ﷺ لا نفاضل بينهم»). ↩︎
- مسند أحمد (حديث «القميص» عن عائشة) مع حكم الهيثمي في مجمع الزوائد: «إسناده صحيح، رجاله ثقات». صورة الصفحة. ↩︎
- مجمع الزوائد (روايةُ طلق بن خُشّاف عن عائشة: «قُتل مظلوماً…»)، الحكم: «رجاله رجال الصحيح، وطلق ثقة»؛ وطرفٌ في التاريخ الكبير للبخاري. صورة الصفحة. ↩︎
- شواهدُ «هذا يُوعِد وأصحابه على الحق والهدى… هذا عثمان». خلاصةُ الحكم: «إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين». انظر: صورة 1، صورة 2. ↩︎
شرارة الثورة الأولى التي قلبت التاريخ في وجه المنافقين قتلة سيدنا عثمان وأسقطت شرعيتهم كانت على يد أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصدّيقة بنت الصدّيق رضي الله تعالى عنها ✌️ pic.twitter.com/XUsggouNzc
— عباسي سابق (@ABBASITB) May 10, 2025
أخ مصري يعرض "فتنة علي بن أبي طالب"، وكيف قام أهل السنة العباسية بمحاولات إنقاذه، لأن الواقع على الأرض يُدين علي بشكل قاطع، ولا يستطيع أحد الدفاع عنه البتة بعد إيواءه لقتلة عثمان وحمايتهم، وقتل طلحة والزبير، وحصار أم المؤمنين عائشة وإهانتها.
— عباسي سابق (@ABBASITB) October 7, 2025
أمام كل هذه الكوارث لم يجد العباسيون… pic.twitter.com/RlGIl0zhba