مجلة معاوية بن أبي سفيان
مجلة معاوية بن أبي سفيان

لو عرفوا الله ما أشركوا — إعداد من فكر مصطفى علي حسين

تاريخ النشر: ٠٢ نوفمبر ٢٠٢٥
وقت القراءة: دقيقة واحدة قراءة
رئيس  تحرير مجلة معاوية أبن ابي سفيان
كاتب المقال: رئيس تحرير مجلة معاوية أبن ابي سفيان
عدد المقالات:
لو عرفوا الله ما أشركوا — إعداد من فكر  مصطفى علي حسين

في حديثٍ عميقٍ للشيخ الدكتور مصطفى علي حسين، يتجلّى التوحيد كمعرفةٍ قبل أن يكون شعارًا. فالمشكلة في جوهرها ليست في القول «لا إله إلا الله»، بل في فهمها. من عرف الله حقًّا، لا يمكن أن يشرك به أحدًا من خلقه، لأنّ القلب إذا امتلأ بعظمة الملك لم يرَ في الوجود سواه.

عنوان الفيديو

المدة: ٣١:٠٠ القناة: مصطفى علي حسين

١. التوحيد ومعرفة الله

يرى الشيخ أن أصل الشرك هو الجهل بالله. فالموحِّد الحق يعيش في حريةٍ وسعادةٍ لا يعرفها من تعلّق بالمخلوقين؛ لأنه أدرك أنه في رعاية الملك العظيم، وأنّ كل ما حوله عبيدٌ مقهورون لهذا الملك.

ومن هنا قاعدته المشهورة:

من عرف الملك لا يخاف من العبيد.

المعرفة بالله تورث لذّة الإيمان، وتحرّر القلب من الخوف والاضطراب، لأنها تنزع عن الإنسان كلّ صنمٍ بشريٍّ أو نفسيٍّ.

٢. رؤية الآيات وامتحان الوعي

يستند الشيخ إلى قوله تعالى في قصة يوسف عليه السلام:

﴿ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ﴾.

فالامتحان الحقيقي هو: ماذا يفعل الإنسان بعد أن يرى الآيات؟ هل يحكم بها، أم يعاندها كما فعل الذين ظلموا يوسف؟

المؤمن يُبتلى بالآيات ليُختبر وعيه، والمشرك يراها ولا يعيها.

٣. تعريف الله بنفسه: آيات سورة طه

يشير الشيخ إلى أن من أحبّ الآيات إليه مطلع سورة طه، لأنها لحظة تعريفٍ إلهيٍّ مباشر:

﴿تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى﴾
﴿الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾
﴿وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى﴾

في هذه الآيات، يعرّف الله عباده بنفسه، وينفي كل شبهةٍ بشريةٍ في الألوهية أو النسب أو العصبية. الله لا يشبه أحدًا، ولا يحتاج إلى أحدٍ، ولا يرضى أن يُجعل له شريكٌ في مُلكه أو في حكمه.

٤. الله ربّ العالمين لا ربّ فئة

يرفض الشيخ فكرة المحاباة الدينية أو العصبية القَبَلية التي تجعل الله “إله جماعةٍ” دون أخرى.

فالله لا يحابي نسبًا ولا سيفًا، بل يزن الخلق جميعًا بميزان العدل. ويستشهد بحديث المرأة التي دخلت النار في هرة، ليؤكد أن عدل الله يشمل كل المخلوقات، صغيرها وكبيرها.

فمن ظنّ أن لله أبناءً أو أولياءَ من دون الناس، فقد جهل معنى “رب العالمين”.

٥. المعرفة شفاء من الحزن

يحكي الشيخ عن تجربةٍ شخصية حين مرّ بأزمةٍ نفسيةٍ بسبب خذلان الناس. وبينما كان غارقًا في الهم، سمع قوله تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾

فشعر بالخجل من حزنه، وقال: كيف أحزن وأنا في ملك الكريم؟ كيف أجزع وقد خلقني وسوّاني وعدّلني؟

ومن هنا خرج بقاعدةٍ روحيةٍ عميقة:

من عرف الملك لا يخاف من العبيد، لأنهم جميعًا عبيدٌ مثله.

٦. “أهل البيت” بين اللغة والدعوى

في ردّه على من يحصرون “أهل البيت” في علي وفاطمة والحسن والحسين، قدّم الشيخ استدلالًا لغويًا من سورة طه، حيث قال الله عن موسى عليه السلام:

﴿إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾

وكان المقصود بــ«أهله» زوجته وحدها، ومع ذلك استُعمل اللفظ المذكر والجمع «امكثوا» مراعاةً لسترها.

إذن، حين قال الله تعالى:

﴿لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾
لم يكن استثناء زوجات النبي ﷺ من السياق العربي ممكنًا أصلًا.
فاللغة نفسها تشهد أن زوجة الرجل من “أهله”، وأن الخطاب بالمذكر لا ينفي الأنوثة.

الخاتمة

يذكّر الدكتور مصطفى علي حسين بأنّ معرفة الله ليست ترفًا فكريًا، بل امتحانًا أخلاقيًا دائمًا.

فالمؤمن يُسأل في كل لحظة: هل يحكم بالآيات التي رآها، أم يتجاهلها كما فعل الذين رأوا آيات يوسف ثم سجنه؟

الذين عرفوا الله لم يشركوا،
والذين جهلوا الله عبدوا العبيد.

مجلة معاوية بن أبي سفيان

منصّة بحثية نقدية بلا مجاملات؛ نقول الأشياء كما هي ونحتكم إلى الدليل.

تحقيقات مسندة نقاش منضبط بلا تجريح خصم ‎17%‎ على السنوي