كيف يكون عليٌّ خليفة؟! — تفكيك الخرافة السياسية التي صنعت "الفتنة الكبرى"
منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا، ظلّ سؤال “من هو الأحقّ بالخلافة بعد عثمان؟” نارًا لا تنطفئ، تغذّيها مدارس الغلوّ، وتخمدها عقول النقد الصادق. وفي هذا السياق، يقدّم الشيخ مصطفى علي حسين مراجعةً صارخةً في خطبته المعنونة:
«كيف يكون علي بن أبي طالب خليفة؟!»حيث يعيد قراءة المرحلة التي تلت مقتل عثمان رضي الله عنه قراءةً تضع الإصبع على جرح الأمة: **الانقسام بين الدين والدولة، بين الولاء للعقيدة والولاء للعصبية**.
1. تنقية العقيدة ووحدة الأمة
يرى الخطيب أن أعظم واجب على المسلم هو **توحيد الله ووحدة الأمة**، وأنّ تقديس الأشخاص ـ حتى لو كانوا من آل البيت ـ هو أول طريق الانقسام. إنَّ “تبيين حقيقة علي بن أبي طالب” لا يُراد به الطعن، بل **تنقية العقيدة ممن رفعوا البشر إلى مرتبة الإله**، حتى أصبحت الإمامة عندهم بديلاً عن التوحيد.
2. الدولة الشيعية ككيان موازٍ
يصف الشيخ ما تلا مقتل علي بأنه **تحوّل العقيدة إلى دولة موازية**، لا تدين بالولاء لخلفاء المسلمين، بل ترفع راية “الوصيّة” و”الحقّ الإلهي”. ويشير إلى أنّ هذه الدولة، الممتدّة بين **بحر قزوين والخليج العربي**، كانت بذرة الانقسام التاريخي الذي **شقّ الأمة نصفين**، وأنتج لاهوتًا يطعن في الصحابة وأمهات المؤمنين.
3. شرعية خلافة عليّ.. سؤال ممنوع
يتساءل الخطيب بوضوح:
كيف يكون عليٌّ خليفة، ولم يبايعه كبار الصحابة؟ كيف يُسمّى خليفةً وهم قاتلوه ولم يرضوا عنه؟هذه الأسئلة الصادمة ليست طعنًا، بل استعادة للحقيقة التاريخية الممنوعة من النقاش، منذ أن تحوّلت **الفتنة الكبرى إلى عقيدة مغلقة** لا تُناقش.
4. مقتل عثمان.. الجذر الممنوع
يحمّل الخطيب عليًّا مسؤوليةً أخلاقيةً وسياسية في **الأحداث التي سبقت مقتل عثمان**، معتبرًا أنّه **قدّم نفسه بديلاً** للخليفة المحاصر. وبعد أن نُهب بيت المال وبيت عثمان، يشير إلى أنّ “كل ما سُرق صار إلى ذلك الرجل”، في إشارةٍ إلى استغلالٍ سياسيٍّ للحدث، فتح الباب أمام صراع الدم والسلطة.
5. حرب الجمل.. سيفٌ في وجه الأمة
يعتبر الخطيب أنّ عليًّا وجّه سيفه إلى صدور الصحابة الذين طالبوا بالقصاص، وقتل طلحة والزبير، وأهان أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها. تلك الحرب، التي عُرفت بـ **موقعة الجمل (36 هـ)**، كانت الشرخَ الأول في جدار الأمة، ومن رحمها وُلدت الفِرق والمذاهب، وبدأ التنازع على دم عثمان قبل القصاص منه.
6. صفّين.. المواجهة بين الدولة والفتنة
ثم جاءت **موقعة صفّين (37 هـ)**، حين طالب معاوية ـ والي الشام المُجمع عليه ـ بدم عثمان. لكن عليًا ـ بدلًا من الاستماع إلى النداء العادل ـ أرسل إليه بالعزل. ويرى الخطيب أنّ هذه اللحظة مثّلت **تحوّل السيف من جبهة الأعداء إلى صدور المسلمين**.
7. معاوية.. الفاتح الذي حفظ بيضة الدين
في المقابل، يصف الخطيب **معاوية بن أبي سفيان** بأنه “الفاتح الغازي العظيم”، الذي قاتل الفتنة وحمى الدين من التمزّق. ويشبّهه بـ **أبي بكر الصديق** في إنقاذه وحدة الأمة بعد الردّة الجديدة التي مثّلتها الفتنة العلوية.
“وحّد الجزيرة العربية وأطفأ نار الفتنة، فصار معاوية امتدادًا للقيادة الراشدة، لا خصمًا لها.”
الخاتمة
يخلص الخطاب إلى أن **عليًّا رضي الله عنه لم يُقاتل الكفار بل قاتل المسلمين**، وأن سيفه، الذي كان ينبغي أن يُرفع على الأعداء، وُجّه إلى صدور الأمة. بينما كان **معاوية هو من أنقذ دولة الإسلام من التفتت**، وحافظ على وحدة الخلافة بعد أن كادت تتحوّل إلى طائفة.
> إن “خلافة عليّ” كانت بداية الشرخ الذي ما زال يتمدّد في جسد الأمة باسم “آل البيت”، حتى صار الغلوّ مذهبًا والسياسة دينًا.
المراجع والمصادر:
- خطبة الشيخ مصطفى علي حسين: كيف يكون علي بن أبي طالب خليفة؟!!! (رابط الفيديو)
- منهاج السنة النبوية لـ ابن تيمية — في الردّ على الشيعة الإمامية.
- ابن كثير، البداية والنهاية، باب مقتل عثمان وفتنة عليّ.
- الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج6، وقائع الجمل وصفّين.
- روايات الصحابة (طلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام، عائشة بنت أبي بكر) في مطالبتهم بالقصاص.
- روايات معاوية بن أبي سفيان والي الشام زمن عثمان.