مجلة معاوية بن أبي سفيان
مجلة معاوية بن أبي سفيان

فرعون ورانا ورانا

تاريخ النشر: ٢٩ أكتوبر ٢٠٢٥
وقت القراءة: 2 دقائق قراءة
رضا شرارة
كاتب المقال: رضا شرارة
عدد المقالات:
فرعون ورانا ورانا

كلما ظننا أن قصة «فرعون» انتهت في صفحة التاريخ… طلع لنا فرعون جديد، بلحية وعمامة وشعار «آل البيت».

بداية المغالطة

الشيعة والعباسيون اجتمعوا على كذبة واحدة:

أن نسل فاطمة وحدها هو «آل البيت»، فمدّوا يدهم لعلي وسلالته، ثم جرّوا العباس معهم بالحيلة! صاروا كلهم «أهل بيت»، ولو عاش فرعون معهم لقالوا عنه «ذو نسبٍ شريفٍ من بيتٍ عريق»!

لكن لنسأل سؤالًا بسيطًا:

لو لم يمنع النبي ﷺ عليًّا من خطبة ابنة أبي جهل، هل كان اليوم نسل فرعون الأمة سيحكمنا بعمامة آل البيت؟

تخيلوا:

سلالة «فرعون هذه الأمة» داخل «البيت النبوي»! والله كانت ستصبح «آل فرعون بن أبي جهل الهاشمي»! 😂

بين السخرية والعبرة

في الحديث الصحيح، لما قتل عبد الله بن مسعود أبا جهل في بدر، سجد النبي ﷺ شكرًا وقال:

«هذا فرعون هذه الأمة».

لكن يبدو أن فرعون لم يمت تمامًا، بل تسلل في عقول من جعلوا القرابة شريعة، والوراثة إمامة، والبيتَ النبويَّ عرشًا أبديًا.

العبرة من النكتة التي رواها الشيخ وليد الدهوان في خطبته (عن الرجل المصري الذي غضب عندما شتم الشيخ فرعون ثم قال له: “اتكلم عن أبو جهل”) أن المصريين فهموا اللعبة قديمًا:

فرعون واحد لا يكفي!

الفراعنة تتناسل في كل جيل جديد من مدّعي العصمة والحق الإلهي في الحكم.

تاريخ يعيد نفسه

الفراعنة حكموا بالقرابة، مثلما فعل العلويون والعباسيون.

في مصر القديمة، لم يكن الملك إلا لمن له «دم مقدس».

وفي الكوفة، قال عليٌّ:

«كنا نرى أن لنا في قرابتنا من رسول الله حقًا.»

فأصبحت القرابة دينًا، والسيف إمامًا، والبيعة تُنتزع لا تُختار.

ومن رحم تلك الفكرة خرجت الدولة الفاطمية، ثم الإسماعيلية، ثم العباسية… وكلٌّ منهم يرى نفسه «ابن البيت»، وإن ذبح الأمة كلها في سبيل «نسبه الشريف».

المفارقة الساخرة

اختُلق حديث يهوّن عذاب أبي طالب (فرعون قريش الأول)،

واختُلق آخر يجعل فاطمة سيدة نساء الجنة أفضل من أمها ومريم،

واختُلق ثالث يرفع الحسن والحسين فوق إبراهيم وأبي بكر وعمر والأنبياء!

وهكذا صُنعت «جنة طبقية» يدخلها من له نسبٌ من البيت، ولو حارب الدين بالسيف.

فرعون، يا سادة، لم يمت في النيل…

هو فقط بدّل التاج بالعمامة، والعصا بالسيف، والهيكل بالمحراب.

خاتمة

قالوا: نحن «آل البيت».

قلنا: بيت من؟ بيت النبوة أم بيت أبي جهل؟

لو لم يمنع النبي عليًّا من تلك الخطبة، لربما كان أول خليفة بعده من نسل «فرعون هذه الأمة»!

لكن الله لطف بهذه الأمة أن تبقى «لا إله إلا الله»… لا «لا حكم إلا بالنسب».

مجلة معاوية بن أبي سفيان

منصّة بحثية نقدية بلا مجاملات؛ نقول الأشياء كما هي ونحتكم إلى الدليل.

تحقيقات مسندة نقاش منضبط بلا تجريح خصم ‎17%‎ على السنوي