معاوية بن أبي سفيان

من اعترافات علي بن أبي طالب: زمنه لم يكن زمن جماعة بل زمن فرقة وفتنة

الرواية

ثبت في صحيح البخاري (كتاب البيوع – باب بيع أمهات الأولاد – حديث رقم 2229) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى بأن الجارية "أم الولد" إذا أنجبت من سيدها ثم مات سيدها فإنها تُعتق ولا تُباع. فأُعجب علي بن أبي طالب بهذا الرأي، ثم أقرّه عثمان بن عفان بعده.

لكن لما انتقل علي بن أبي طالب إلى الكوفة وهو خليفة، أراد أن يغيّر هذا القضاء، فقال لقاضي الكوفة عبيدة بن عمرو السلماني:

"أرى أن أمهات الأولاد يُبَعن مرة أخرى."

فردّ القاضي على علي قائلاً:

"رأي اجتمعتَ عليه أنت وعمر أحبّ إليّ من رأي فرقة تراه وحدك. ورأي رجلين في الجماعة أحب إلي من رأي رجل في الفتنة."
رأي اجتمعتَ عليه أنت وعمر أحبّ إليّ من رأي فرقة تراه وحدك. ورأي رجلين في الجماعة أحب إلي من رأي واحد في الفتنة.

تعليق القاضي

العجيب أن قاضي علي نفسه وصف الموقف بوضوح:

  • قال عن عهد عمر: جماعة.
  • وقال عن عهد علي: فتنة.

فجعلها مفاضلة صريحة: "رأي رجلين في الجماعة (عمر + علي سابقاً) أحب إلي من رأي رجل واحد في الفتنة (علي حالياً)."

اعتراف علي

الأخطر أن علياً لم يعترض، بل أقرّ ذلك وقال:

"اقضوا كما كنتم تقضون، فإني أكره الاختلاف حتى يكون للناس جماعة." 【فتح الباري لابن حجر، شرح الحديث】

فهو اعتراف صريح منه بأن خلافته لم تكن زمن جماعة، بل زمن فتنة حتى يجتمع الناس على إمام واحد.

زمن فرقة واختلاف، لا زمن جماعة ولا إمام واحد يجتمع عليه المسلمون.

الدلالة التاريخية

بهذا يتبين:

  • علي نفسه أقرّ أن زمانه ليس زمن جماعة.
  • قاضيه وصف عهده بالفتنة، مقابل عهد عمر الذي كان زمن جماعة.
  • ما ادعاه العباسيون والشيعة من أن خلافته كانت زمن إجماع هو تزوير للتاريخ.

ولهذا عندما استقرّ الأمر لمعاوية بن أبي سفيان سنة 40هـ، أجمع المسلمون على تسمية تلك السنة بـ عام الجماعة 【ابن كثير، البداية والنهاية 8/139】.

التنبيه على بدعة "تربيع علي"

لتربيع علي بن أبي طالب واعتباره الخليفة الراشد الرابع بدعة منكرة، تخالف إجماع الأمة الأولى، وتستبيح دماء الصحابة والتابعين، وتخطئهم وتطعن في عدالتهم. هذه البدعة أدخلها على الأمة الإمام أحمد بن حنبل – عامله الله بعدله – في أواخر القرن الثالث الهجري 【انظر: تاريخ بغداد 4/421، سير أعلام النبلاء 11/177】.

من الصحابة الذين لم يُربّعوا بعلي:

  • الزبير بن العوام
  • طلحة بن عبيدالله
  • سعد بن أبي وقاص
  • أم المؤمنين عائشة
  • معاوية بن أبي سفيان
  • عمرو بن العاص
  • حكيم بن حزام
  • حسان بن ثابت
  • كعب بن مالك
  • عبدالله بن سلام
  • النعمان بن بشير
  • عبدالله بن عمر بن الخطاب
  • عبدالله بن عمرو بن العاص
  • ثمامة بن عدي
  • عبدالله بن يزيد الخطمي

وغيرهم كثير، حتى قال الذهبي: "أكثر من 75 من الصحابة لم يبايعوا علياً بعد مقتل عثمان" 【انظر: سير أعلام النبلاء 2/355】.

من كبار التابعين والأئمة الذين لم يُربّعوا بعلي:

  • الإمام مالك بن أنس 【التمهيد لابن عبد البر 20/246】
  • الإمام الشافعي 【الأم 7/283】
  • الإمام الزهري 【طبقات ابن سعد 5/331】
  • سعيد بن المسيب 【الاستيعاب 3/975】
  • قتادة بن دعامة 【الجرح والتعديل 7/178】
  • نافع مولى ابن عمر 【سير أعلام النبلاء 5/91】
  • عروة بن الزبير 【تاريخ الطبري 4/543】
  • يحيى بن معين 【تاريخ بغداد 14/177】
  • ابن عبد ربه الأندلسي 【العقد الفريد 4/365】
  • الإمام أحمد بن حنبل نفسه لم يُربع بعلي إلا بعد سنة 227هـ 【المنتظم لابن الجوزي 10/61】

الخلاصة

من فم علي نفسه، ومن شهادة قاضيه:

  • عهد علي = زمن فتنة.
  • عهد معاوية = زمن الجماعة.
  • بدعة "تربيع علي" لا أصل لها في إجماع الأمة الأولى، وإنما هي قول محدث.

وهذا وحده كافٍ لإسقاط دعاوى المتشيعة والعباسيين الذين زوّروا التاريخ وادّعوا أن خلافة علي كانت زمن وحدة وإجماع، بينما الحقيقة الموثقة في صحيح البخاري تثبت عكس ذلك.

بقلم ✍️ شرارة رضا